قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ قَد يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ الاِنْتِصَارِ لِنَفْسِهِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمَرْءُ مِمَّنْ يُتَأَسى بِفِعْلِهِ، وَذَاكَ أَنَّ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم، لَمَّا قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: "مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ"، بَادَرَ صَلى الله عَلَيه وسَلم، بِأَنْ قَالَ: "آمِينَ"، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: "وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ" فَلَمَّا قَالَ لَهُ: "وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَأَبْعَدَهُ اللهُ" فَلَمْ يُبَادِرْ إِلَى قَوْلِهِ: "آمِينَ"، عِنْدَ وُجُودِ حَظِّ النَّفْسِ فِيهِ، حَتَّى، قَالَ جِبْرِيلُ: "قُلْ آمِينَ". قَالَ: "قُلْتُ: آمِينَ" أَرَادَ بِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم التَّأَسِّي بِهِ فِي تَرْكِ الاِنْتِصَارِ لِلنَّفْسِ بِالنَّفْسِ، إِذِ اللهُ جَلَّ وَعَلَا هُوَ نَاصِرُ أَوْلِيَائِهِ فِي الدَّارَيْنِ، وَإِنْ كَرِهُوا نُصْرَةَ الأَنْفُسِ فِي الدُّنْيَا. [٤٠٩]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute