قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "وَأَمَّا خَالِدٌ، فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ"، يُرِيدُ إِنَّكُمْ تَظْلِمُونَهُ أَنَّهُ حَبَسَ مَالَهُ مِنَ الأَدْرَاعِ وَالأَعْتَادِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ.
وَقَوْلُهُ فِي شَأْنِ الْعَبَّاسِ: "هُوَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا"، يُرِيدُ أَنَّ صَدَقَتَهُ عَلَيَّ أَنِّي ضَامِنٌ عَنْهُ وَمِثْلُهَا مَعَهَا مِنْ صَدَقَةٍ ثَانِيَةٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ. وَقَدْ رَوَى شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَقَالَ فِي شَأْنِ الْعَبَّاسِ: "فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا"، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ، لأَنَّ الْعَرَبَ فِي لُغَتِهَا تَقُولُ: عَلَيْهِ، بِمَعْنَى لَهُ، قَالَ اللهُ: {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد: ٢٥]، يُرِيدُ: عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةُ، وَالْعَبَّاسُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ الْفَرِيضَةِ، وَالأُخْرَى: أَنَّهُ كَانَ مِنْ صِبْيَةِ بَنِي هَاشِمٍ، فَكَيْفَ يَتْرُكُ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم صَدَقَتَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا، وَيَمْنَعُهَا مِنْ أَهْلِهَا مِنَ الْفُقَرَاءِ؟ وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا الْخَبَرَ، وَقَالَ فِي شَأْنِ الْعَبَّاسِ: "فَهِيَ لَهُ وَمِثْلُهَا مَعَهَا"، يُرِيدُ: فَهِيَ لَهُ عَلَيَّ، كَمَا قَالَ وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ فِي خَبَرِهِ. [٣٢٧٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute