فَجَاءَ أَخُوهُ مَعْقِلُ بْنُ مُقَرِّنٍ فَسَجَّى عَلَيْهِ ثَوْبًا، وَأَخَذَ اللِّوَاءَ فَتَقَدَّمَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: تَقَدَّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ! فَجَعَلْنَا نَتَقَدَّمُ، فَنَهْزِمُهُمْ وَنَقْتُلُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْنَا وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، قَالُوا: أَيْنَ الأَمِيرُ؟ فَقَالَ مَعْقِلٌ: هَذَا أَمِيرُكُمْ، قَدْ أَقَرَّ اللهُ عَيْنَهُ بِالْفَتْحِ، وَخَتَمَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، فَبَايَعَ النَّاسُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ.
قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ يَدْعُو اللهَ وَيَنْتَظِرُ مِثْلَ صَيْحَةِ الْحُبْلَى، فَكَتَبَ حُذَيْفَةُ إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِفَتْحٍ أَعَزَّ اللهُ فِيهِ الإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَأَذَلَّ فِيهِ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ، وَقَالَ: النُّعْمَانُ بَعَثَكَ؟ قَالَ: احْتَسِبِ النُّعْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَكَى عُمَرُ وَاسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: وَمَنْ وَيْحَكَ؟ فَقَالَ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ حَتَّى عَدَّ نَاسًا، ثُمَّ قَالَ: وَآخَرِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَعْرِفُهُمْ، فَقَالَ: عُمَرُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْكِي: لَا يَضُرُّهُمْ أَنْ لَا يَعْرِفَهُمْ عُمَرُ، لَكِنَّ اللهَ يَعْرِفُهُمْ. [٤٧٥٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute