فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم يَطْعُنُ فِي جَنْبِهِ بِالْقَوْسِ وَيَقُولُ: "جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ". فَلَمَّا قَضَى طَوَافَهُ، أَتَى الصَّفَا، فَعَلَا حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ، فَجَعَلَ صَلى الله عَلَيه وسَلم يَرْفَعُ يَدَهُ، وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَذْكُرُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَذْكُرَهُ وَالأَنْصَارُ تَحْتَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ! وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَكَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ، لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، ثُمَّ يُطْرِقُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا قُضِيَ الْوَحْيُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ"، قَالُوا: قَدْ قُلْنَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "كَلَاّ، إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ"، فأَقْبَلُوا يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: وَاللهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَاّ ضَنًّا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ! قَالَ: "وَإِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ فَتْحَ مَكَّةَ كَانَ عُنْوَةً لَا صُلْحًا. [٤٧٦٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute