قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَمْرُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم لِمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى: "فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ"، أَمْرٌ مُجْمَلٌ تُفَسِّرُهُ أَفْعَالُهُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، لَا يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ الأَخْبَارَ الَّتِي فِيهِ ذِكْرُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، فَيَسْتَعْمِلَهُ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ، وَيَتْرُكَ سَائِرَ الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُهُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ الأَخْبَارَ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، فَيَسْتَعْمِلَهُ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ، وَيَتْرُكَ الأَخْبَارَ الأُخَرَ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُهُ قَبْلَ السَّلَامِ.
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ أَخْبَارٌ أَرْبَعٌ، يَجِبُ أَنْ تُسْتَعْمَلَ وَلَا يُتْرَكَ شَيْءٌ مِنْهَا، فَيَفْعَلُ فِي كُلِّ حَالَةٍ مِثْلُ مَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ فِيهَا سَوَاءً، فَإِنْ سَلَّمَ مِنَ الاِثْنَتَيْنِ أَوِ الثَّلَاثِ مِنْ صَلَاتِهِ سَاهِيًا أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، عَلَى خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا، وَإِنْ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، عَلَى خَبَرِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَإِنْ شَكَّ فِي الثَّلَاثِ أَوِ الأَرْبَعِ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ، عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، عَلَى خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَإِنْ شَكَّ وَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَصْلاً تَحَرَّى عَلَى الأَغْلَبِ عِنْدَهُ، وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، عَلَى خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، حَتَّى يَكُونَ مُسْتَعْمِلاً لِلأَخْبَارِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا كُلِّهَا، فَإِنْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ حَالَةٌ غَيْرُ هَذِهِ الأَرْبَعِ فِي صَلَاتِهِ، رَدَّهَا إِلَى مَا يُشْبِهُهَا مِنَ الأَحْوَالِ الأَرْبَعِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. [١٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute