فَقَالَ: "أَبُو هِرٍّ، الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَادْعُهُمْ"، وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافٌ لأَهْلِ الإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَشْرَكْهُمْ فِيهَا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَشَرَكَهُمْ فِيهَا، وَأَصَابَ مِنْهَا، فَسَاءَنِي وَاللهِ ذَلِكَ، قُلْتُ: أَيْنَ يَقَعُ هَذَا اللَّبَنُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَأَنَا وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم!
فَانْطَلَقْتُ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، وَأَخَذَ الْقَوْمُ مَجَالِسَهُمْ، قَالَ: "أَبَا هِرٍّ"، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "خُذْ فَنَاوِلْهُمْ"، قَالَ: فَجَعَلْتُ أُنَاوَلُ رَجُلاً رَجُلاً، فَيَشْرَبُ، فَإِذَا رَوِيَ، أَخَذْتُهُ فَنَاوَلْتُ الآخَرَ، حَتَّى رَوِيَ الْقَوْمُ جَمِيعًا، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: "أَبَا هِرٍّ، بَقَيْتُ أَنَا وَأَنْتَ"، قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "خُذْ فَاشْرَبْ"، فَمَا زَالَ يَقُولُ: "اشْرَبْ"، حَتَّى قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ: "فَأَرِنِي الإِنَاءَ"، فَأَعْطَيْتُهُ الإِنَاءَ، فَشَرِبَ الْبَقِيَّةَ، وَحَمِدَ رَبَّهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم. [٦٥٣٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute