قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ بِأَنَّ الأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ، كُلُّهَا مُخْتَصَرَةٌ غَيْرُ مُتَقَصَّاةٍ، وَأَنَّ بَعْضَ شُعَبِ الإِيمَانِ إِذَا أَتَى الْمَرْءُ بِهِ لَا تُوجِبُ لَهُ الْجَنَّةَ فِي دَائِمِ الأَوْقَاتِ، أَلَا تَرَاهُ، صَلى الله عَلَيه وسَلم، جَعَلَ حَقَّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا؟ وَعِبَادَةُ اللهِ جَلَّ وَعَلَا إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَتَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ، وَعَمَلٌ بِالأَرْكَانِ، ثُمَّ الْمُسْلِمُونَ لَمَّا سَأَلُوهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم عَنْ حَقِّهِمْ عَلَى اللهِ، فَقَالُوا: فَمَا حَقُّهُمْ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ وَلَمْ يَقُولُوا: فَمَا حَقُّهُمْ عَلَى اللهِ إِذَا قَالُوا ذَلِكَ، وَلَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ صَلى الله عَلَيه وسَلم هَذِهِ اللَّفْظَةَ، فَفِيمَا قُلْنَا أَبْيَنُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجَنَّةَ لَا تَجِبُ لِمَنْ أَتَى بِبَعْضِ شُعَبِ الإِيمَانِ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ، بَلْ يُسْتَعْمَلُ كُلُّ خَبَرٍ فِي عُمُومِ مَا وَرَدَ خِطَابُهُ عَلَى حَسَبِ الْحَالِ فِيهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ. [٢١٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute