[٩٥٣ وقال عبد الله بن مسعود "إن الرجل ليظلمني فارحمه" فنظم محمود هذا فقال [كامل] :]
إني شكرت لظالمي ظلمي ... وغفرت له ذاك على علم
ما زال يظلمني وأرحمه ... حتى رثيت له من الظلم
٩٥٤ وقال نادب الأسكندر عن وفاته -وقد بكى من كان بحضرته- "حركنا بسكونه فنظم هذا، أبو العتاهية فقال [خفيف] :
قد لعمري حكيت لي غصص المو ... ت وحركتني لها وسكنتا
٩٥٥ ويقال إنه لما مات الإسكندر ندبه أرسطاطاليس فقال: "قال ما كان هذا الشخص واعظاً بليغاً، وما وعظ بكلامه موعظة قط أبلغ من موعظته بسكوته "فنظم هذا المعنى صالح بن عبد القدوس وبسط لفظه"، فقال وأحسن [خفيف] :
وينادونه وقد صم عنهم ... ثم قالوا: وللنساء نحيب
ما الذي عاق أن ترد جواباً ... أيها المقول الألد اللبيب
إن تكن لا تطيق رجع جواب ... فيها قد نرى وأنت مطيب
ذو عظات وما وعظت بشيء ... مثل وعظ السكوت إذ لا تجيب
وأحسبه نظر في قوله "إن تكون لا تطيق رجع جواب" إلى مخاطبه المؤيد لقباذ بعد موته: "كان الملك أمس أنطق منه اليوم، وهذا اليوم أوعظ منه أمس".
٩٥٦ وفي خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعظ الناس بها حين ضربه ابن ملجم لعنه الله: "وليعظكم هدوئي، وخفوت أطرافي، فإنه أوعظ لكم من النطق البليغ" فنظم أبو العتاهية لفظ المؤيد فقال وعضد المعنى بها يهيج اللوعة، ويقدح زناد الكآبة والوجد [وافر] :
طوتك خطوب دهرك بعد نشر ... كذاك خطوبه نشراً وطياً
فلو نشرت قواك لي المنايا ... شكوت إليك ما صنعت إليا
كفى حزناً بدفنك ثم إني ... نفضت تراب قبرك عن يديا
وكانت في حياتك لي عظات ... فأنت اليوم أوعظ منك حياً
[٩٥٧ فاحتذى هذا المعنى ابن طباطبا العلوي فقال [كامل] :]
وعظ الورى بسكونه فأتاهم ... ببيان قس حين قال له اخطب
٩٥٨ وخرج عمر بن عبد العزيز مع جماعة من أهله، فمر بمقبرة فقال "قفوا حتى آتي الأحبة فأسألهم وأسلم عليهم" فلما تسوطها وقف، فسلم، ثم قال لأصحابه لما عاد إليهم: ألا تسألون ماذا قلت؟ وماذا قيل لي؟ وقالوا يعرفنا أمير المؤمنين! قال: "لما وقفت وسلمت فلم يردوا، ودعوت فلم يجيبو، نوديت: يا عمر! أما تعرفني؟ أنا الذي غيرت محاسن وجوههم، ومزقت الأكفان عن جلودهم، وفرقت المفاصل والأقدام، ومنعتهم عن الأنفاس والكلام" ثم لم يزل يبكي حتى سقط مغشياً، فنظر إلى هذا المعنى أبو العتاهية فقال [كامل] :
إني سألت الترب ما فعلت ... بعدي وجوه فيك منعفره
فأجابني: صيرت ريحهم ... تؤذيك بعد روائح عطره
وأكلت أجساداً منعمة ... كان النعيم يصونها نضره
لم يبق غير جماجم بليت ... بيض تلوح، وأعظم نخره
٩٥٩ وقيل لأعرابي، وقد خلا بمن أحب، ما رأيت؟ فقال: "ما زال القمر يرينها، فلما غاب أرتنيه" فنظم هذا الحسن بن سهل فقال [وافر] :
أراني البدر سنتها عشاء ... فلم أزمع البدر الأفولا
أرتنيه، بستنها فكانت ... من البدر المنور لي بديلا
فنظر إلى هذا البحتري، فقال ولم يستوفه [طويل] :
أضرت بضوء البدر، والبدر طالع ... وقامت مقام البدر لما تغيبا
٩٦٠ ويروى أن أرسطاطاليس قال "قد تكلمت بكلام لو مدحت به الدهر ما جارت علي صروفه" فنظم هذا المعنى أبو عثمان الناجم، وأحسن فقال [وافر] :
ولي في حامد أمل قديم ... ومدح قد مدحت به طريف
مديح لو مدحت به الليالي ... لما جارت علي لها صروف
[هذا باب]
[في اتساع المعنى والشركة مما يشبه المأخوذ وليس بمأخوذ]
[٩٦١ فمن ذلك قول امرئ القيس [متقارب] :]
إنا وإياهم وما بيننا ... كموضع الرود من الكاهل
[٩٦٢ وللحارث بن حلزة [متقارب] :]
وبيت شراحيل في وائل ... مكان الثريا من الأنجم
[٩٦٣ ولسحيم بن وثيل [وافر] .]
ألم تر أنني من حميري ... مكان الليث من وسط العرين
[٩٦٤ ولمعقل بن مجمح الأسدي [وافر] :]
ولو أني أشاء لكنت منهم ... مكان الفرقدين من النجوم
٩٦٥ وقال أبو الكنود الخزاعي وهو جاهلي [وافر] :