فإن لا أصادف غرة الوحش أقتنص ... من الآنسيات العظام جفالها
أي من الضأن التي هي للأنس. أقتنص صيداً: يعني أنه يسرقها. والجفال: الصوف.
[١١١٤ومن مستحسن ما قيل في هذا المعنى قول الشاعر [بسيط] :]
الله يعلم أني من رجالهم ... وإن تقدد عني اليوم أطماري
وإن رزئت يداً ... كانت
أصول بها
وإن مشيت على زج ومسمار
هذا، كان لصاً يقطع. فأخذ فقطعت يده ورجله.
[١١١٥وقال الآخر [طويل] :]
لقد علمت ذود المضرب أنني ... لهن لدى الموماة أي مهين
وأشربتها الأقران حتى أنختها ... بشرج وقد ألقين كل جنين
فبيعتها، لا مغلياً حين بعتها ... ذوي الحاج بالأسواق غير مدين
هذا رجل سرق إبلاً لرجل يقال له "المضرب" وقوله "وأشربتها الأقران" أي جعلت الحبال في شواربها. والشوارب: عروق تكون في الحلق. وإنما يعني هنا الحلق نفسها. وقوله "لا مغلياً" يقول: أرخصها لأبيعها في أسرع وقت غير مدين. يقول بعتها بنقد، وسامحت في الثمن كيلاً يطول أمرها فأوجز. وشرج: موضع.
[١١١٦ومن أناشيد أبي العباس أحمد بن يحيى [كامل] :]
قوم إذا نزل التجار محلهم ... قلبوا الثياب وأوسقوا الأكوارا
قال ابن الأعرابي: هو لأقوام لصوص. يغيرون زيهم كي لا يعرفوا. ويملأون أرحلهم من متاع التجار. وقال غيره بل هو لأقوام ضلوا عن الطريق في الليل فقلبوا ثيابهم وأرحلهم ليهتدوا. وكانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية.
[١١١٧وقال الآخر [طويل] :]
توخى بها مجرى سهيل وخلفه ... من الشام أعلام تطول وتقصر
فلما رأى أن النطاق تعذرت ... رأى أن ذا الكلبين لا يتعذر
هذا لص، طرد إبلاً فتوجه بها نحو اليمن. وهو مجرى سهيل. وتوخى من الوخى: وهو الطريق. فصارت الشام وراءه. والأعلام: الجبال، تطول بالنهار وتقصر بالليل. تعذرت: أي لم يجد ماء في الفلاة فنحر بعضها، وافتض كرشها، أي عصر ماءها وشربه.
وذو الكلبين: السيف. والكلبان: مسماران في قائم السيف.
[١١١٨وقال الآخر:]
تسألني الباعة أين دارها ... فقلت رجلي ويدي قرارها
هواشة مختلف نجارها ... وكل نار لأناس نارها
قال: هذا لص سرق إبلاً من مواضع شتى مختلفة الألوان والسمات. فجاء يبيعها، فسئل عن نتاجها، فقال هذا القول. والهواش [العير وضعت عليه] سمة بمكواة فهي نار. تقول العرب ما نار إبلك؟ "أي ما سمتها؟ فيقول: عليها سمة كل حي.
[١١١٩وقال مثله الكؤوس المازني [طويل] :]
وتسألني عن نارها فأجيبها ... وذلك علم لا يحيط به الطمش
والطمش: الخلق من الناس كلهم خاصة.
[١١٢٠قال الآخر [سريع] :]
إنا وجدنا طرد الهوامل ... خيراً من التأنان والمسائل
وعدة العام وعام قابل ... ملقوحة في بطن ناب حامل
هذا لص. يقول أطرد الابل الهوامل-وهي التي لا راعي لها-خير من أن أسأل الناس بأنين وشكوى. فمنهم من يردني، ومنهم من يعدني فيقول: أعطيك في العام القابل ملقوحة. والملاقيح: ما في البطون وهي الأجنة. ومنه الحديث، أن النبي-صلى الله عليه وسلم-نهى عن المضامين والملاقيح. فالملاقيح. ما أخبرتك. والمضامين: ما في أصلاب الفحول، وكانوا في الجاهلية يبيعون الجنين، وضرب الفحل. فحظر الإسلام ذلك.
١١٢١وقال الأحيمر السعدي في معنى قول الأول-وكان الأحمير لصاً قد طرده أهله [طويل] :
عوى الذئب فاستأنست للذئب إذ عوى ... وصوت إنسان فكدت أطير
إني لأستحي من الله أن أرى ... أطوف بحبل ليس فيه بعير
وأن أسأل المرء البخيل بعيره ... وبعران ربى في البلاد كثير
معنى قوله: أنست بالذئب: أي قد ألفت الفلاة والبعد عن الناس، وصرت أصاحب السباع والوحوش، وصرت أستوحش من صوت الأنيس، لأني أخاف الطلب. ومعنى قوله "أطوف بحبل ليس فيه بعير" يقول: آنف أن أطوف في الحي بحبل لأسألهم أن يقرنوا لي بعيراً.
[١١٢٢وقال الآخر [طويل] :]
أيا بارح الجوزاء مالك لا ترى ... عيالك قد أمسوا مراميل جوعا
هذا لص كان يسرق الإبل، فأحب أن تهب بارح الجوزاء، وهي أشد البوارح في القيظ لتعني أثره، إذا طرد إبلاً فلا يقتص. وقوله "عيالك" يريد عيالي، لأني كنت أعولهم من هذا الكسب.