للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقولون هل بعد الثلاثين ملعب ... فقلت وهل قبل الثلاثين ملعب

لقد جل قدر الشيب إن كان كلما ... بدت شيبة يعرى من اللهو مركب

[أحسن ما قيل في كراهية الشيب، وحبه على كراهيته]

٦٢٤ وقد زعم قوم أنهم كرهوا الشيب، ثم أحبوه على كراهيته، فمن أحسن ما قيل في ذلك ما أنشدنيه محمد بن يحيى لأحمد بن زياد الكاتب طويل:

لما رأيت الشيب حل بياضه ... بمفرق رأسي قلت للشيب مرحباً

ولو خلت أني كففت تحيتي ... تنكب عني رمت أن يتنكبا

ولكن إذا ما حل كره فسامحت ... به النفس يوماً كان للكره أذهبا

[٦٢٥ وكأن هذا ينظر إلى قول الأول طويل:]

وجاشت إلى نفس أول مرة ... فردت على مكروها فاستقرت

[٦٢٦ وينظر إلى هذا المعنى قول مسلم بسيط:]

الشيب كره وكره أن يفارقني ... أنبل بشيء على البغضاء مودود

يمضي الشباب وقد يأتي له خلف ... والشيب يذهب مفقوداً

[٦٢٧ وينظر إلى هذا المعنى قول علي بن محمد الكوفي وافر:]

لعمرك ما المشيب على مما ... فقدت من الشباب أشد فوتاً

تمليت الشباب فكان شيباً ... وأبليت المشيب فكان موتاً

وقوله أيضاً وافر:

بكى للشيب ثم بكى عليه ... فكان أعز من فقد الشباب

وقل للشيب لا يبرح حميداً ... إذا نادى شباب بالذهاب

[أحسن ما قيل في حلول الشيب قبل إبانه]

٦٢٨ قال أبو علي: سمعت محمد بن يحيى يقول: أول من أفصح عن ذكر حلول الشيب قبل إبانه، ابن مقبل، وكان الأصمعي يقول أنه أحسن ما قيل في معناه، أخبرنا بذلك أبو العيناء كامل:

ما شبت من كبر ولكني امرؤ ... عالجت قرع نواجذ الدهر

فوجدتها عضلاً موقحة ... عزت فما تسطاع بالكسر

فلذلك صرت مع الشبيبة نازلاً ... في غير منزلتي من العمر

وأنشدنا محمد بن عبد الواحد عن أحمد بن يحيى هذه الأبيات، وأولها:

وتنكرت شيبي فقلت لها ... ليس المشيب بناقص عمري

سيان شيبي والشباب إذا ... ما كنت من أجلي على قدر

ثم "ما شبت من كبر" وذكر الأبيات، ثم قال في آخرها:

وتنفست بي همة رفعت ... قدري لكل عظيمة القدر

[٦٢٩ ويستحسن قول أبي نواس كامل:]

وإذا عددت سني كم هي لم أجد ... للشيب عذراً في النزول براس

[٦٣٠ وقول الآخر كامل:]

عدي سني ولا ترعك شواهدي ... الله يعلم أنني لصغير

جار المشيب فيما أتى في وقته ... والشيب يعدل مرة ويجوز

ويتصل بهذا الباب:

[أحسن ما قيل في الاعتذار للشيب وحسن تشبيهه]

٦٣١ أخبرني عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: أخبرني علي بن مهدي الكسروي قال أنشدني أبو تمام لنفسه، قال: "ولم يقل أحد في الاعتذار للشيب وتحسينه أحسن من هذه الأبيات بسيط:

فأصغري أن شيباً لاح بي حدثاً ... وأكبري أنني في المهد لم أشب

لا تنكري منه تخديراً تجلله ... فالسيف لا يزدري إن كان ذا شطب

ولا يورقك إيماض القثير به ... فإن ذاك ابتسام الرأي والأدب

[٦٣٢قال ولقد أحسن دعبل في قوله كامل:]

أهلاً وسهلاً بالمشيب فإنه ... سمة العفاف وحلية المتحرج

وكأن شيبي نظم عمر زاهر ... في تاج ذي ملك أغر متوج

[٦٣٣ وقال أبو سعيد المخزومي طويل:]

أشيب ولم أقض الشباب حقوقه ... ولم يمض من عهد الشباب قديم

نجوم شيب في السواد لوامع ... وما خير ليل ليس فيه نجوم

[٦٣٤ أنشدنا أبو عمر عن ثعلب لبعض الأعراب خفيف:]

لا يرعك الشيب يا ابنة عبد الله ... فالشيب جلة ووقار

إنما تحسن الرياض إذا ما ... ضحكت في خلالها الأنوار

٦٣٥ أنشدنا محمد بن يحيى قال أنشدني يحيى بن علي المنجم قال: أنشدني أبو هفان لنفسه-قال أبو علي: وهو عندي أحسن ما قيل في هذا المعنى- بسيط:

تعجبت در من شيبي فقلت لها ... لا تعجبي فبياض الصبح في السدف

وزادها عجباً أن رحت في سمل ... وما درت در أن الدر في الصدف

[أحسن ما قيل في ذم الشيب]

٦٣٦ أنشدنا أبو بكر أحمد بن محمد بن السرخسي قال أنشدني أبو عبد الله الحرنبل قال: لا أعرف في ذم الشيب أحسن من قول الشاعر بسيط:

<<  <   >  >>