للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخافة أني قد علمت لئن بدا ... لي الهجر منها ما على هجرها صبر

وإني لا أدري إذا النفس أشرفت ... على هجرها ما يبلغن بي الهجر

فيا حبها زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر

[أحسن ما قيل في مكافأة البر]

٥٩٧- قال أبو هفان: أشعر أشعار كوفي بها بر أربعة، منها قول حجية بن المضرب الكناني طويل:

سأجزي أخي عن بره في صميمه ... وأجعل بيتي مثل آخر مغرب

رأيت اليتامى لا يسدر فودهم ... تحفيك في القعب الصغير المشعب

فقلت لعبدينا أريحا عليهم ... هنالك من مال كريم منجب

أجازي به من لو أتيت عظامه ... أنادي لأساني على كل مركب

أخي والذي إن أدعه لملمة ... يجبني، وإن أغضب إلى السيف يغضب

ويروى أن عائشة قالت "من أراد البر فليفعل فعل حجية ويروي شعره".

٥٩٨- وقول علقمة بن كعب بم جعيل التغلبي طويل:

أخي أنت لي من بين من وطئ الحضى ... ثراء وبحر ليس يبلغه شعري

أجازي بك الأنباء أرجو ببرهم ... جزاءك إن البر أجزيه بالبر

٥٩٩- وقول عدي بن معدان الكناني طويل:

يقولون لا تذكر أخاك ولا ترد ... خيراً له ما عشت غير الترحم

سأبذل مالي كله في جزائه ... ليغني به أولاده بعد معدم

٦٠٠- وقول يزيد بن جابر بن عروة بن الورد وافر:

وكان أخي إذا ما عد مال ... وكنت عياله دون العيال

فمالي كالمفاز به، وقربي ... لنسل أصبحوا في قل مالي

[أعزي بيت قيل في مفارقة الأحبة]

٦٠١-أخبرنا أبو عبد الله الحكيمي قال أخبرني أحمد بن يحيى عن الزبير بن بكار قال أجمع من له علم بالشعر ببلدنا أن شعر عمر بن أبي ربيعة أعزى ما سمعوا من الشعر وهو قوله طويل:

أألحق أن دار الرباب تباعدت ... أو انبت حبلي، إن قلبك طائر

أفق قد أفاق العاشقون وفارقوا ال ... هوى واستمرت بالرجال المرائر

زع النفس واستبق الحياء فإنما ... تبعد أو تدني الرباب المقادر

أمت حبها واجعل قديم وصالها ... وعشرتها أشباه من لا تعاشر

وهبها كشيء لم يكن أو كنازح ... به الدار أو من غيبته المقابر

فكالناس علقت الرباب فلا تكن ... أحاديث من يبدو ومن هو حاضر

فإن أنت لم تفعل ولست بفاعل ... ولا قابلاً نصحاً لمن هو زاجر

فنفسك لم عينين جئت الذي ترى ... فطاوعت أمر الغي أم أنت سادر

قال ابن الزبير: "معناه: جئت معاينة ما ترى" قال ثعلب: "أنا أقول أن "عينين" بدل من "نفسك" طويل:

وقد ضل إلا أن تقضي حاجة ... برق حقير دمعك المتبادر

٦٠٢ أخبرنا أبو عبد الله الحكيمي قال أخبرنا أحمد بن يحيى قال أخبرنا الزبير عن عمر بن أبي بكر الموصلي عن عبد الله بن أبي عبيدة: أن كثيراً قال في قصيدته الرائية: "أفق قد أفاق العاشقون-البيت" و"هبها كشيء لم يكن أو كنازح-البيت "قال الزبير: وحدثني من له علم وثبت من قريش: أنهما لعمر بن أبي ربيعة- منهم عمي مصعب عن جدي عبد الله بن مصعب- في أبياته التي يقول فيها طويل:

أألحق أن دار الرباب تباعدت ... وإن شط ولي إن قبلك طائر

وإنما اصطرفهما كثير وأضافهما إلى شعره، كما اصطرف قول جميل طويل:

ولا يلبث الواشون أن يصدعوا العصا ... إذا هي لم يصلب على البري عودها

فأدخله في قصيدته التي يقول فيها كاملك

نظرت وأعلام الشربة دوننا ... فرق المروري الدانيات وسودها

٦٠٣ قال أبو علي: قوله "اصطراف" الاصطراف: الافتعال، من الصرف يقال اصطرف الشاعر إذا صرف إلى أبياته أو قصيدته بيتاً أو بيتين أو ثلاثة من شعر غيره، فاستضافها إلى شعره، وصرفها عن قائلها، وكان كثير فعالاً لهذا، مصطرفاً لشعر جميل مهتدماً بعضه، وقد فرقت بين الاصطراف والاستلحاق والاهتدام في غير هذا الموضع من كتابي.

[أحسن ما قيل في المرون على مفارقة الأحبة]

٦٠٤ أخبرني علي بن هرون قال لي عمي أبو أحمد يحيى بن علي، قال: قال لي المعتضد بالله: أنشدني أحسن ما قيل في المرون على مفارقة الأحبة، فأنشدته بسيط:

روعت بالبين حتى ما أراع له ... وبالمصائب في أهلي وجيراني

<<  <   >  >>