للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧٩٨ ومما يدل على إبطال قول من قال إن الانتزاع للمعاني، والاستعارة للألفاظ، شيء مباح، أن أعشى بن قيس بن ثعلبة اتهمه النعمان ابن المنذر بانتحال الشعر، حتى حبسه في بيت وامتحنه، فقال [متقارب] :

أأزمعت من آل ليلى ابتكاراً ... [وشطت على ذي هوى أن تزارا]

وقال فيها من أجل ما رمي به:

وقيدني الشعر في بيته ... كما قيد الآسرات الحمارا

فكيف أنا وانتحال القوافي ... بعيد المشيب، كفى ذاك عاراً

فوجدنا الأعشى _وهو أحد الفحول الأربعة_ لما حبس وامتحن، اعتمد في هذه القصيدة على خاله أبي الفضة المسيب بن علس الضبعي، وهو أخو أمه، فمن قول المسيب [متقارب] :

أعاذل لما ترين الغداة ... وقنعني الشيب منه خمارا

وبان الشباب فودعته ... وطالبته بعد عين ضمارا

ببيداء مجهولة قطعت ... بعامهة تستخف الضفارا

ترامي النسوع بحيزومها ... ندوباً، وبالدف منها سطارا

جمالية أجد سهوة ... يلاحم منها الثليل الفقارا

فقال الأعشى في قصيدته التي مر بنا ذكرها:

تبدل بعد الصبا حكمة ... وقنعه الشيب منه خمارا

وشوق علوق تناسيته ... بجوالة تستخف الضفارا

فأبقى رواحي وسير الغد ... وِّ، منها مراحاً وقلباً مطارا

وألواح رهب كأن النسو ... ع ابتن في الدف منها سطارا

ودأيا عواري مثل الفؤو ... س، لاحم فيها السليل الفقارا

ألا ترى إلى ضيق الأمر عليه؟ حين حسب، حتى اعتمد هذا الاعتماد البين الذي لا يكون مواردة ولا اتفاقاً في القول، مع قرب الآخذ من المأخوذ منه؟! وقد قال الفرزدق لجرير [كامل] :

لن تدروا كرمى بلوم أبيكم ... وأوابدي يتنحل الأشعار

[الانتحال والاستلحاق]

٧٩٩ قال أبو علي: أجمع العلماء بالشعر، وأصحاب العربية أن امرأ القيس، أول من بكى الديار، ورثى الآثار، وإذا تصفحت شعره استدللت ببعضه على بطلان هذا الإجماع.

ألا ترى إلى قوله [كامل] :

عوجاً على الطلل المحيل لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن حذام

٨٠٠ قال ابن الكلبي: "وإذا سئل علماء كلب عما وصف به ابن حذام الديار، أنشدوا أبياتاً من "قفا نبك" وذكروا أن امرأ القيس انتحلها، فسارت له، وخمل ابن حذام".

٨٠١ وحكى أبو عبيدة: "أن ابن حذام الكلبي كان يصحب امرأ القيس بن حجر الكندي، وأنه أول من وصف الديار، وهو القائل [بسيط] :

لآل هند بجنبي نفنف دار ... لم يمح جدتها ريح وأمطار

أما تريني بجنب البيت مضطجعاً ... لا يطيبني لدى الحيين إنكار

فرب نهب تصم القوم رجته ... آفاته أن بعض القوم عوار

٨٠٢ كان [ابن] حراش بن إسماعيل العجلي، يقول: "إن أولية بكر بن وائل، كانوا يحلفون أن عامة شعر امرئ القيس، لعمرو بن قميئة، وأنه كان يصحبه امرؤ القيس، فغلب على شعره، وأبده" أراد بقوله [طويل] :

بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وأيقن أنا لاحقان بقصيرا

فقلت له: لا تبك عينك، إنما ... تحاول ملكاً، أو نموت فنعذرا

٨٠٣ أخبرني أبو الحسن بن أبي غسان البصري قال: أخبرني أبو خليفة أبو الفضل ابن الحباب الجمحي "أن بني سعد بن زيد مناة بن تميم"، تزعم أن هذا البيت لرجل منهم يقال له سعد وهو [طويل] :

فلست بمستبق أخاً لا تلمه ... على شعث، أي الرجال المهذب؟

قال "وأنشدنيه [حلابس] العطاري" وقال: "أخبرنا خلف الأحمر قال: إن إعراب بني سعد تقول ذلك".

٨٠٤وحكى أبو محمد التوزي أن زهيراً [استلحق قول الخوات السعدي] [طويل] :

وأهل خباء صالح ذات بينهم ... قد احتربوا في عاجل أنا آجله

فأقبلت في الساعين أسأل عنهم ... سؤالك بالشيء الذي أنت جاهله

[٨٠٥ وانتحل عنترة قول [بشر] بن شلوة التغلبي [كامل] :]

نبئت عمراً غير شاكر نعمتي ... والكفر مخبثة لنفس المنعم

٨٠٦ وحكى أبو عبيدة أن معظم الشعر الذي يرويه الناس لعنترة، هو لهراش بن شداد، وغنما كان عنترة بمنزله فقال يوماً _وقد كرت الخيل_: احمل عنترة! فقال: وكيف يحمل؟ قال: أنت ابني، واستلحقه، وأخوه من أمه [هراش] وأمهما زبيبة.

٨٠٧ وانتحل أبو ذؤيب قول أفيان بن عادية الخزاعي [كامل] :

<<  <   >  >>