للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحببت من أجلها الباخلي ... ن، حتى رمقت ابن سلم سعيدا

إذا سيل عرفاً كسا وجهه ... ثياباً من اللوم صفراً وسوداً

[١٦٧- ومن التخلص البديع إلى المدح قول الآخر طويل:]

دعون الهوى ثم ارتمين قلوينا ... بأسهم أعداء وهن صديق

فلا وصل والحجاج بيني وبينهم ... وأوزر مغبر العجاج عميق

ومن يأمن الحجاج أما عقابه ... فمر مغبر عقده فوثيق

١٦٨ قال أبو علي: أخبرنا محمد بن عبد الواحد عن أحمد بن يحيى عن عمر بن شبة عن أبي عبيدة قال: "أحسن تخلص للعرب تخلصت به من بكاء طلل، ووصف إبل وتحمل أظعان، وتصدع جيران، بغير (دع ذا، وعد عما ترى) . واذكر كذا من صدر إلى عجز، لا يتعداه، شاعر إلى سواه، ولا يعلقه بما عداه:

- قول زهير بسيط:

إن البخيل ملوم حيث كان ول ... كن الجواد على علاوته هرم

- وقول الأعشى يمدح الأسود مخاطباً ابنته خفيف: لا تشتكي إلىَّ وانتجعي الأسود أهل الندى وأهل الفعال - وقوله خفيف:

فعلى مثلها أزور بني قي ... س إذا شط بالحبيب الفراق

- وقوله كامل:

نحو ابن سلمى حارث قطعت ... عرض النجاد مطيتي تضع

ورث السيادة عن أوائله ... فأتم أحسن ما هم صنعوا

- وقول حاتم الطائي بسيط:

إن كنت كارهة معيشتنا ... هاتا فحلي في بني بدر

- وقول ذي الرمة، يمدح هلال بن أحوز طويل:

حنت إلى نعم الدهنا فقلت لها ... أمي هلالاً على التوفيق والرشد

١٦٩- قال ابو علي: ومن أحسن ما قيل في مخاطبة الناقة قول الفرذدق وافر:

على من تلفتين وأنت تحتي ... وخير الناس كلهم أمامي

متى تردي الرصافة تستريحي ... من الأنساع والدبر الدوام

[١٧٠ وينظر إلى هذا البيت قول لأبي نواس طويل:]

وإذا المطي بنا بلغن محمداً ... فظهورهن على الرجال حرام

قربننا من خير من وطيء الرثى ... فلها علينا حرمة وذمام

١٧١ أخبرني علي بن هرون قال: سألت أبي، عن أحسن تخلص، تخلص به شاعر إلى مدح أو هجو. فقال: "هذا يا بني مذهب انفرد به المحدثون، وقل ما يتفق الإحسان فيه لمتقدم، فأما ما وجدت أهلنا مجتمعين على أنه، لم يتوصل أحد بمثله إلى مدح، فقول محمد بن وهيب كامل:

ما زال يلثمني مراشفه ... ويعلني ألابريق والقدح

حتى استرد الليل خلعته ... وبدا خلال سواده وضح

وبدا الصباح كأن غرته ... وجه الخليفة حين يمتدح

[١٧٢- " وقال علي بن الجهم بسيط:]

وليلة كحلت بالنفس مقلتها ... ألقت قاع الدجى في كل أخدود

قد كاد تغرقني أمواج ظلمتها ... لولا اقتباس سنا وجه ابن داود

فقوله: (كحلت بالنفس مقلتها) مأخوذ من قول ذي الرمة: (والليل قد صبغ الحصى بمداد) .

[١٧٣ وقد أخذ هذا أبو نواس فقال وافر:]

أبن لي كيف صرت إلى نديمي ... وجفن الليل مكتحل بقار

[١٧٤ "وأخذ أبو تمام هذا المعنى فقال طويل:]

إليك قطعنا جنح ليل كأنما ... اكتحلت كل العيون بإثمد"

[١٧٥ "وقد أخذ لفظ الأعرابي المتقدم، أبو نواس فقال رجز:]

قد اغتدى والليل كالمداد ... والصبح ينفيه عن البلاد

ففي المشيب حالك السواد"

[١٧٦ وإنما نظر في هذا المعنى إلى قول أعرابي بسيط:]

أقول والنجم قد مالت أواخره ... إلى المغيب: تبين نظرة حار

المحه من سنا برق رأى بصري ... أم وجه نعم بدائلي أم سنا نار

بل وجه نعم بداء والليل معتكر ... فلاح من بين حجاب وأستار

١٧٧ قال: "ومن لطف التخلص، وإن لم يقصد شاعر مدحاً، ولا ذماً، قول البحتري بسيط:

بين الشقيقة فاللوى فالأجرع ... من حسبن على الرياح الأربع

فكأنما ضمنت معالمها الذي ... ضمنته أحشاء المحب الموجع"

١٧٨ قال ثم قال: "وبل قول محمد بن وهيب أولى به. فإنه أحسن في تخلصه من وصف الديار، إلى وصف شوقه، فقال- وأتبعه البحتري بما قدمنا ذكره -كامل:

طللان طال عليهما الأبد ... دثرا فلا علم ولا قصد

لبسا البلى فكأنما وجدا ... بعد الأحبة مثل ما أجد"

١٧٩ قال أبو الحسن علي بن هرون، وأنا أقول: "إن البحتري أحسن كل الإحسان في قوله البيت كامل:

<<  <   >  >>