للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي جلد فرع، وهي ذبيحة كانوا يذبحونها ويلبسون جلودها حوار آخر.

[٧٨٥ وقال أبو ذؤيب [طويل] :]

فمالك جيران ولا لك ناصر ... ولا لطف يبكي عليك فصيح

أي ولا ذو لطف.

[٧٨٦ ومثله قول الآخر [سريع] :]

كأن تحتي سرقا وفرا ... وفرس مخضوضر وريا

[٧٨٧ ومثله قول الهذلي [وافر] :]

تمشي بيننا حانوت خمر ... من الخرس الصراصرة القطاط

أي صاحب حانوت، والخرس: العجم، والقطاط: الجعاد.

[هذا باب]

[ما تحذف من المضاف والمضاف إليه]

[٧٨٨ وذلك غير جائز إلا في الشعر كقول عمرو بن قميئة [سريع] :]

لما رأت ساتيدما استعبرت ... لله در اليوم من لامها

أي لله در من لامها اليوم.

[٧٨٩ وقال خر [منسرح] :]

٣يا من رأى عارضاً أرقت له=بين ذراعي وجبهة الأسد أي بين ذراعي الأسد وجبهته.

[٧٩٠ وقال ذو الرمة [بسيط] :]

كأن أصوات من إيغالهن بنا ... أواخر الميس أصوات الفراريج

أي كأن أصوات أواخر الميس، أصوات الفراريج من إيغالهن بنا.

[هذا باب]

[يشبه فيه الشيء بالشيء]

[ثم يجعل المشبه به هو المشبه بعينه]

[٧٩١ كقول الجعدي [طويل] :]

وعادية سوم الجراد وزعتها ... وكلفتها سيدا أزل مصدرا

والسيد: الذئب، شبه فرسه بالذئب، فجعلها ذئباً.

[٧٩٢ ومثله قول رؤبة [راجز] :]

سوى مساحيهن تقطيط الحقق ... [تفليل ما قارعن من سمر الطرق]

أي حوافرهن التي هي كالمساحي، فجعلها مساحي.

[٧٩٣ ومثله قول أوس [منسرح] :]

وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولباً جدعاً

التولب: ولد الحمار، فشبه ولدها به فجعله تولباً.

وإذا حمل الباب المتقدم، في الاستعارة المستكرهة، على هذا الوجه الذي ذكره الأصمعي في هذا الباب، كان صواباً، هذا آخر المجاز.

[[الفصل الخامس]]

فصل: السرقات والمحاذات

٧٩٤ قال أبو علي: هذا فصل أودعته فقراً من أنواع الانتحال، والاختزال، والاقتضاب والاستعارة، والإحسان في السرق، والإساءة.

والنظر والإشارة، والنقل والعكس، والتركيب والاهتدام، والسابق واللاحق، والمبتدع والمتبع، وغير ذلك مما يفتقر الأديب المرهف إلى مطالعته، وجمعت من شتات ذلك مؤونة الطلب والجمع، وفرقت بين أصناف ذلك فروقاً لم أسبق إليها، ولا علمت أن أحداً من علماء الشعر سبقني في جمعها.

٧٩٥ وسمعت أبا الحسن علي بن أحمد النوفلي يقول: سمعت أحمد بن أبي طاهر يقول: "كلام العرب ملتبس بعضه ببعض، وآخذ أواخره من أوائله، والمبتدع منه والمخترع قليل، إذا تصفحته وامتحنته، والمحترس المتحفظ المطبوع بلاغة وشعراً من المتقدمين والمتأخرين لا يسلم أن يكون كلامه آخذاً من كلام غيره، وإن اجتهد في الاحتراس، وتخلل طريق الكلام، وباعد في المعنى، وأقرب في اللفظ، وأفلت من شباك التداخل، فكيف يكون ذلك مع المتكلف المتصنع والمعتمد القاصد".

٧٩٦ قال: "وقد رأينا الأعرابي أعرم لا يقرأ ولا يكتب، ولا يروى ولا يحفظ، ولا يتمثل ولا يحذو، ولا يكاد يخرج كلامه عن كلام من قبله، ولا يسلك إلا طريقة قد ذللت له.

ومن ظلم أن كلامه لا يلتبس بكلام غيره، فقد كذب ظنه، وفضحه امتحانه، وقد قال ارسطاطاليس: (من البلاغة حسن الاستعارة) ولو نظر ناظر في معاني الشعر والبلاغة، حتى يخلص لكل شاعر وبليغ ما انفرد به من قول، وتقدم فيه من معنى لم يشركه فيه أحد قبله ولا بعده، لألفى ذلك قليلاً معدوداً، ونزراً محدوداً".

٧٩٧ قال أبو علي: وقد زعم قوم ممن يحسن هذه الصناعة، أنه لا اجتلاب ولا استعارة، وأن الكلام كله مشرع للجميع، والألفاظ مباحة.

ولو كان كما قالوا: اللفظة فضيلة السابق ومقالة المتقدم، لما تعايرت الشعراء بالسرق والاجتلاب!! ألا ترى إلى قول جرير يخاطب الفرزدق [وافر] :

ستعلم من يكون أبوه قينا ... ومن عرفت قصائده اجتلاباً

وإلى قول ابن ميادة [بسيط] :

قسني إلى شعراء الناس كلهم ... وادع الرواة إذا ما غب ما اجتلبوا

وإلى قول الآخر [طويل] : فإن نظموا قالوا بما قيل قبلهم=وإن وردوا جاؤوا خلاف الصوادر

<<  <   >  >>