للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩٨٣ومما يستحسن في هذا المعنى قول بعض بني تميم، وكان أسيراً في بعض أحياء العرب، فعزموا على غزو قومه فكتب إليهم ينذرهم، ملغزاً [بسيط] :

حلوا عن الناقة الحمراء واقتعدوا ... العود الذي في جنابي ظهره وقع

إن الذئاب قد اختصرت برائنها ... والناس كلهم بكر إذا شبعوا

يعني الناقة الحمراء: الدهناء، وهي أرض لبني تميم حمراء التراب، فضاء. وكانوا يركبونها دائماً. والعود: الصمان، وهو جبل في بلاد تميم شبهه بالعود من الإبل، وهو المسن من الإبل. وعلى ظهره وقع: وهو آثار الدبر، لأن الصمان قد وطئ وكثرت آثار المطي فيه. فأراد: امتنعوا بركوب الصمان، لأنه وعر وصلب، يشق على الخيل أن تجري فيه. فأراد، والدهناء ممكنة وأراد بالذئاب: القوم المغيرين، شبههم بالذئاب لختلهم، وحرصهم على الغارة. وقوله "اخضرت براثينها" أي أقدامهم من الكلأ. وسمي الأقدام براثن، استعارة. وقوله "والناس كلهم بكر إذا شبعوا" يريد أن الحرب مكثت بين بكر وتغلب أربعين سنة.

[٩٨٤ومثل هذا قول الآخر [بسيط] :]

قد كنت تأمنني والجدب دونكم ... وكيف أنت إذا رقش الجراد نزا

وهذا لا يكون إلا في الخصب والربيع.

[٩٨٥ومثله [رجز] :]

يا ابن هشام أهلك الناس اللبن ... فكلهم يسعى بقوس وقرن

يعني أنهم نظروا للخصب، فحملوا السلاح. والقرن: الجعبة.

[٩٨٦ومثله [كامل] :]

قوم إذا اخضرت نعالهم ... يتناهقون تناهق الحمر

والنعال: الأرض الصلبة. وليست تخضر الأرض الصلبة إلا وقد اخضر ما هو أسهل منها.

[٩٨٧ومثله [وافر] :]

إذا اخضرت نعال بني غراب ... بغوا ووجدتهم أشراً لئاماً

[٩٨٨ومثله [بسيط] :]

تناهقون إذا اخضرت نعالكم ... وفي الحفيظة أبرام مضاجير

[٩٨٩ومثله [كامل] :]

قوم إذا نبت الربيع لهم ... نبتت عداوتهم مع البقل

[٩٩٠ومثله [طويل] :]

وفي البقل إن لم يدفع الله شره ... شياطين ينزو بعضهن على بعض

[٩٩١ومثله [طويل] :]

ومالي لا أغزو وللدهر كرة ... وقد نبحت دون السماء كلابها

والكلاب تنبح عند تكاثف الغيم، لمرض يلحقها، عند ذلك، فتنبحه فزعاً. فالكلب إذا أنكر شيئاً نبحه. ألا ترى إلى قول ... يعني أضيافاً نزلوا به. فشبه جرهم لحم الجزور التي نحروها لهم بقوم رجعوا من صيد ظباء ونعاج. فهم يجرون صيدهم. والجونة: الصلبة الواسعة. وإنما يعني ها هنا قدراً شبهها بالصلبة. والدهابيج: فارسية معربة: وهي الإبل الفوالج التي لكل منها سنامان. الواحد: دهباج. وقوله: وقع الانباج، يعني الأثافي وصفها بالصلابة. وبربرت: صوت عليها. وقوله: بقية أرواح الشتاء، جعله وقتاً لذلك نصبه. يقول: فلا تزال قدورنا منصوبة يطعم منها ما دامت أرواح الشتاء.

[٩٩٢قال الفرزدق [طويل] :]

حططنا إليها من حضيض عنيزة ... ثلاثاً كذود الهاجري رواسيا

يعني قدرا قرب إليها ثلاث أثاف. وعنيزة: موضع. والهاجري: رجل من بني هاجر بن ضبة. وابلهم سود. فشبه الأثافي بها.

[٩٩٣ وقال الرماح بن ميادة المري [طويل] :]

فقلت لها لا تعجلي وتأملي ... كذاك تفدى الشول ما لم تدور

إلى جامع مثل النعامة تلتقى ... غواربه فوق المحال الموقر

جامع: قدر كبيرة شيبهها بالنعامة لكبرها.

[أحسن ما ورد من أبيات المعاني في القداح]

[٩٩٤ومن أحسن ما قيل في ذلك قول عمرو بن قميئة [طويل] :]

بأيديهم مقرومة ومغالق ... تعود بأرزاق العيال منيحها

مقرومة: قداح قد عضت. والقرم: العض، أي أعلمت بذلك. والمنيح في هذا البيت قدح فائز مستعار لما قد عرف من فوزه وحظه.

كما قال ابن مقبل "فائز متمنح".

٩٩٥مثله قول عمرو بن قميئة أيضاً [سريع] :

وجامل خوف من بليه ... زجر المعلى أصلاً والمنيح

جامل: قطعة من جمال. وخوف: نقص. من قول عز وجل أو يأخذهم على تخوف أي نقص. وقيل له رجل جامل أي قطعة من جمال. وقوله: من بليه، أي جمعه. وتثميره: تكثيره، والمعلى: قدح فائز.

يمتنح: أي يستعار. فإنما يعني أنهم أيسار يحملون القداح على إبلهم وينحرونها في الحقوق. والمنيح في غير هذا، قدح لا حظ له.

<<  <   >  >>