[٥٣١ قال أبو علي: والذي أراه أن أرق بيت قالته العرب قول عمر بن أبي ربيعة بسيط:]
يرميننا لا يتقين بجنة ... إلا الصبي وعلمن أين مقتلي
٥٣٢ أخبرنا أبو عبد الله الحكيمي قال: أخبرنا أحمد بن يحيى قال أخبرني السدرفي قال: قال لكثير أنت أنسب الناس! قال كلا! والله أنسب الناس الذي يقول طويل:
وأنت الذي إن شئت أشقين عيشتي ... وإن شئت بعد الله أنعمت بالي
وأنت التي ما من صديق ولا أخ ... يرى نضو ما أبقيت إلا رثى ليا
٥٣٣ أخبرنا علي بن هارون قال سمعت أبي يقول: أغزل بيت قالته العرب بتميز وتحصيل لم يخرج إلى محال، ولا ممتنع، قول عمر ابن أبي ربيعة رمل:
ليس حباً فوق ما أحببتكم ... غير أن أقتل نفسي أو أجن
[٥٣٤ قال أبو علي: وأغزل الأولين والآخرين عندي قيس بن ذريخ وهو الذي يقول طويل:]
وإن زماناً شتت الشمل بيننا ... وبينكم فيه العداء لمشؤم
إلى الله أشكو فقد ليلى كما شكى ... إلى الله فقد الوالدين يتيم
وفيها يقول:
بكت دراهم من نأيهم فتهلهلت ... دموعي، فأي الجازعين الوم
أمستكبر يبكي من الشوق والهوى ... أن آخر يبكي شجوه ويهيم
٥٣٥ أخبرنا محمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي عن المفضل عن الشعبي قال: سألني عبد الملك بن مروان: أي بيت قالته العرب أرق؟ فقلت قول الشاعر طويل:
فذقت وجلت واسبكرت وأكملت ... فلو جن إنسان من الحسن جنت
٥٣٦ أخبرنا أبو عبيدة الله الحكيمي قال: أخبرنا ابن خيثمة عن عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: قال ابن أبي ثابت: أنسب بيت قالته العرب طويل:
إذا نزوات أحدثت عند بيننا ... عتاياً تراضينا وعاد التعاطف
٥٣٧ أخبرنا محمد بن عبد الواحد قال، أخبرنا أحمد بن يحيى عن عمر بن شبة عن الأصمعي قال: استنشدني بعض الأعراب أحسن ما قيل في الغزل فأنشدته من كل شي فجعل يقول: ليس بشيء، ليس بشيء، فغاظتني، فقلت فأنشدني في ذلك، فأنشدني لبعضهم كامل:
أبت الوافد والثدي لقمصها ... مس البطون وإن تمس ظهورها
وإذا الرياح تنسمت بنسيمها ... نبهن حاسدة وجهن غيورا
٥٣٨ قال أبو علي: ولم أر بيتاً أغزل في شجاعة، وأشجع في غزل من قول عنترة كامل:
إن تغدقي دوني القناع ... فإنني طب بأخذ الفارس المتلثم
٥٣٩ أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد قال: أخبرني أحمد بن يحيى عن الزبير بن بكار قال: أرق بيت قالته العرب قول جرير كامل:
إن الذين غدوا بلبك غادروا ... وشل وشلاً وما يزال معينا
غيض من عبراتهن وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقين
٥٤٠ قال أبو علي: هذان البيتان للمعلوط السعدي، وإنما انتحلهما جرير "غيض من عبراتهن": نقص، واستغيض: أخذ العبرة بأطراف الأصابع ونبذها وقد أخذ هذا ذو الرمة فكشفه طويل:
ولما تلاقنيا جرت من عيوننا ... دموع وزرعن غربها بالأصابع
ونلنا سقاطاً من حديث كأنه ... جنى النحل ممزوجاً بماء الوقائع
[٥٤١ وقد زعم قوم أن أغزل بيت قالته العرب هو بسيط:]
إن العيون التي في طرفها مرض ... قتللنا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله أركانا
قوله "يحيين قتلانا" يريد أن الثأر لم يؤخذ منهن، وأنه لم يكن عندهن بما يدين به قتلته، وكانوا يرون أن الرجل إذا أدرك بثأره، فكأنه قد أحيا من قتل هل، والقول الصادع في هذا، قول الله عز وجل: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".
[أخنث بيت قالته العرب]
٥٤٢ أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى قال أخبرنا أبو الحسن الأسدي عن حماد بن إسحاق عن المدائني قال: قال صالح بن حسان يوماً لجلسائه: علمتم أن النابغة كان مخنثاً؟
قالوا: وما علمك بذلك؟ قال "أو سمعتم قوله؟ كامل:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتقتنا باليد
بمخضب رخص كأن بنانه ... عنم على أغصانه لم يعقد
لا، والله ما عرف تلك الإشارة إلا مخنث" قال: "وهل علمتم أن عامر ابن جوين كان أحمق؟ " قيل: وكيف؟ قال أما سمعتم قوله طويل:
فما بيضة بات الظليم يحفها ... ويجعلها بين الجناح وحوصله