للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقولون عل لي من أخ أو قرابة ... فقلت لهم إن الشكوك أقارب

نسيبي في رأيي وعزمي ومذهبي ... وإن باعدتنا في الولاد المناسب

وليس أخي إلا الصحيح وداده ... ومن هو في وصلي وقربي راغب

١٤٦٣- أخبرني محمد بن يحيى قال سمع ابن مناذر سفيان بن عيينة يروى عن إبراهيم بن مسيرة عن طاوس عن ابن عباس أنه قال: "الرحم تقطع، والنعم تكفر، ولم ير كتقارب القلوب" فنظم هذا ابن مناذر فقال:

قد تقطع الرحم القريب وتكفر ... النعمى، ولا كتقارب القلبين

يدنى الهوى هذا، ويدنى ذا هوى ... فإذا هما نفس ترى نفسين

فأخذ هذا تمام فأحسن العبارة عنه فقال [طويل] :

فإن الفتى في كل حال مناسب ... مناسب روحانية من يشاكل

ولم تنظم العقد الكعاب لزينة ... كما تنظم الشمل الشتيت الشمائل

١٤٦٤- حدثني محمد بن يحيى قال حدثني محمد بن موس قال سمعت علي بن الجهم ذكر دعبلاً، وكفره ولعنه. [قال]- وكان يطعن على أبي تمام-، وهو خير منه، ديناً وشعراً. فقال له بعض من حضر "لو كان أبو تمام أخاك ما زاد على مدحك له" فقال علي بن الجهم "إلا يكن، أخا بالنسب، فإنه أخ بالأدب والمودة. أما سمعت ما خاطبني به؟ "ثم أنشد [كامل] :

إن يكد مطرفه الإخاء فإنما ... نغدو ونسري في إخاء تالد

أو يفترق نسب، يؤلف بيننا ... أدب، أقمناه مقام الوالد

١٣٦٥- وقد كرر هذا المعنى أبو تمام فأحسن بقوله [بسيط] :

ذو الود مني وذو القربى بمنزلة ... وإخوة أسوة عندي وإخواني

عصابة جاورت آدابهم أدبي ... فهم وإن فرقوا في الأرض جيراني

أرواحنا في مكان واحد وعدت ... أجسامنا بشآم أو خراسان

١٤٦٦- وكأن هذا مأخوذ من أبيات أنشدنيها عبد الله بن درستويه، عن المبرد [كامل] :

لا خير في قربى بغير مودة ... ولرب منتفع بود أباعد

وإذا وجدت من البعيد مودة ... فامدد له كف القبول بساعد

١٤٦٧- وأول من سبق إلى هذا المعنى أعشى بني قيس بن ثعلبة فإنه قال [طويل] :

فإن القريب من يقرب نفسه ... لعمر أبيك الخير، لا من تنسبا

١٤٦٨- وأخذ هذا بعض الأعراب فقال [طويل] :

تجنب ذنوباً ما جرت لي بخطرة ... وتمحو دواعي حبها ذنبها عندي

وأحببت ليلى جهد حبي كله ... لعمر أبي ليلى وزدت على الجهد

وآمل قرب الدار حتى إذا دنت ... بها الدار زادتني من البعد والصد

فلم أر قرب الدار ينفع ذا هوى ... وقلب الذي يهواه منه على بعد

١٤٦٩- فأخذ هذا ابن ميادة فقال [طويل] :

وإني لزوار لمن لا يزورني ... إذا لم يكن في وده بمريب

تقرب لي دار الحبيب وإن نأت ... وما دار من أبغضته بقريب

فلا تطلبن القرب والبعد بعدها ... إلى غير تبات وغير قلوب

١٤٧٠- وإلى هذا ذهب النظار الفقعسي بقوله [طويل] :

يقولون هذي أم عمرو قريبة ... دنت بك أرض نحوها وسماء

ألا إنما بعد الحبيب وقربه ... إذا هو لم يوصل إليه، سواء

١٤٧١- قال أبو علي: وأحسن من البيت الأخير، وإن كان في معناه، قول الآخر [طويل] :

فلو كنت أرض أن أرى من ... بغير اجتماع لاقتصرت على الشمس

١٤٧٢- حدثني محمد بن يحيى عبيد الله بن محمد اليزيدي عن أبيه محمد بن أبي محمد اليزيدي قال: جلست إلى جانب رجل يعلم الخليل أني أبغضه، فقال الخليل [طويل] :

يقولون لي دار الأحبة قد دنت ... وأنت كئيب، إن ذا لعجيب

فقلت وما تغني ديار وقربها ... إذا لم يكن بين القلوب قريب

قال: فظننت البيتين له.

١٤٧٣- فأخذ هذا المعنى إبراهيم بن العباس الصولي فقال [طويل] :

دنت بأناس عن تناء زيارة ... وشط بليلى عن دنو مزارها

وإن مقيمات بمنقطع اللوى ... لأقرب من ليلى وهاتيك دارها

[أحسن ما قيل في امتزاج القلوب وتصافيها]

١٤٧٤- أخبرني محمد بن يحيى قال حدثني عبد الله بن عبد الملك الأزدي قال كان ابن أبي فنن كثيراً ما ينشد قول العباس بن الأحنف [بسيط] :

ما أنس لا أنس يمناها معطفة ... على فؤادي ويسراها على راس

وقولها: ليته ثوب على جسدي ... وليتني كنت سربالاً، لعباس

<<  <   >  >>