للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٤٥ قال أبو علي: أخبرنا محمد بن عبد الواحد عن أحمد بن يحيى عن الأثرم عن أبي عبيدة عن أبي عمرو بن العلاءِ قال: "أَحْسَنُ ابتداء في الجاهلية قَوْلُ امريءِ القيس طويل:

أَلاَ عِمْ صَبَاحاً أَيُّها الطَّلَلُ البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي

وقوله "قفا نبك" إلىآخر البيت، لأنَّهُ وقف واستوقف، وبَكَى واسْتَبْكَى، وذكر الأحِبَّة والمنازل، وَوَصَفَ الدّمَنَ" "وفي الإسلام، القُطَامِيُّ في قوله بسيط:

إِنَّا مُحيُّوكَ فاسلَم أيُّها الطلل ... وإن بَلِيتَ وإن أعيابك الطِّيلُ"

"ومن المُحْدَثين، بشار في قوله طويل:

أَبَى طَلَلٌ بالجَزْع أن يتكلَّمَا ... وماذا عليه لَوْ أجاب مُتَيَّماً

١٤٦ قال أبو علي: أخبرنا محمد بن عبد الواحد، عن محمد بن يزيد قال: أخبرنا سعيد بن هارون الأشنانداني، عن التَّوزِي، قال: سمعت الأصمعي يقول: "لم يبتدئ أحد من الشعراء بأحسن ما ابتدأ به أَوْسُ بن حَجَر منسرح:

أَيْتُها النفسُ اجْمِلِي جَزَعَاً ... إِنَّ الَّذِي تحذَرين قَدْ وَقَعَا

إِنَّ الَّذي جمع الشجاعة والنَّجْد ... ةَ والحزْمَ والنَّدَى جُمَعَا

الألمعي الذي يَظُنُّ بك الظَّنَّ ... كَأَنْ قَدْ رأى وَقَدْ سَمِعَا

لأنه افتتح المرثية بلفظٍ نطق به على المذهبِ الذي ذهبَ إليه منها في القصيدة، فأَشْعَرَكَ بِمُرادِه، في أوَّل بيتٍ، وهذا نهايةُ وصفِ الشِّعْر، والشاعر".

١٤٧ قال: "وقول أبي ذُؤَيْب، لأنه ابتدأ كَلامه في أوله، بما دلَّ عَلَى آخر غَرضهِ فَقال كامل:

أَمِنَ المَنُون وريبها تَتَوجَّعُ ... والدَّهرُ ليْس بِمُعْتِبٍ من يَجْزَعُ

٢- وإنِّي لأعْجَبُ كيف لَمْ يَقُلْ الناسُ إنَّ أشعر بيت قالتهُ العربُ كامل:

والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبْتَها ... وإِذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ

١٤٨ قال أبو علي: أخبرني محمد بن عبد الواحد، عن أبي ذكروان عن التوزي قال: سمعتُ أبا عمرو بن العلاء يقول: "أحسن المراثي ابتداءً وتبعاً قول أوس" وذكر الثلاثة أبيات.

١٤٩ قال أبو علي: أخبرني أبو عبد اله الحكيمي قال أخبرني أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن عمه قال: "اخبثُ النَّس أوائلَ شِعْرٍ، النابغةُ الذبياني، والفرذدق. وأجْوَدُهُم أوائلَ شعرٍ، قيسُ بن الخيطم وجريرُ وأنشد لقيس طويل:

أَتَعْرِفُ رسماً كاطِّراد المذاهب ... لِعمرةَ وحْشاً غيرَ مَوْقِفِ رَاكِبِ

قال: "وقوله -ولا أعرف في الطَّيْفِ مثلَه كامل:

أَنَّي سَرَيتِ وكُنْتِ غَيْرَ سَروبِ ... وتُقَرَّبُ الأحلامُ غيرَ قَريب

مَا َتْمَنِعي يقْظَي فَقَدْ تُوُتِيْنَهُ ... في النوم غير مُصَرَّدٍ، مَحْسُوبِ

-قال أبو علي: قوله "ما تمني يقظي" مأخوذ من قول الأعشى، أو قول الأعشى مأخوذ منه كامل:

يَجْحَدْون ديني بالنهار واقتضى ... ديني إذا وَقَذَ النُّعاسُ الرُّقَّدا

والأعْشَى اعتمد فيه على قول عمرو بن قميئة متقارب:

نَأَتْكَ أمَامَةُ إلاَّ سؤالا ... وإِلا خيالاً يُوافِي خيالا

يوافي مع الليل ميعادها ... ويأتي مَعَ الصُّبْح إلا زيادلاً

[١٥٠ قال الأصمعي: "وقد أحسن الأعشى في البتدائه طويل:]

كَفَى بالذي تُولِيَنُه لو تَجَنَّبَا ... شفاءً لِسقْمٍ بعد ما عاد أشيبا"

١٥١ قال أبو علي: ومن بديع ابتداءات المحْدَثين قول أبي نواس منسرح:

أعطَتْك ريحانها العُقَارُ ... وحان من لَيْلنا انْسِفَارُ

وقوله طويل:

لمن دمن تزداد طيب نسيم ... على طول ما أذوت وحسن رسوم

تُجَافي البِلَى حتى كأنما ... لبِسْنَ على الاِقواء ثوْبَ نعيم

وقوله طويل:

أَلاَ لاَ أَرَى مِثْلي امتَرى اليَومُ في رسَمٍ ... تَوََّمُهُ عينِي ويلفظُهُ وَهْمِي

وقوله طويل:

أَتَتْ صُوَرُ الأشياءِ بيني وبَيْنَهُ ... فَظَنِّي كَلاَ ظَنِّي، وعِلمي كلا عِلْمِي

١٥٢ والسابقُ إلى هذا المعنى امْرُؤُ القيس بقوله متقارب:

لِمَنْ طَلَلٌ "داثِر" آيُهُ ... اضَرَّ بِهِ سَالِفُ الأَحْرُسِ

تنكره العينُ مِنْ جادث ... ويَعْرِفُه شغف الأنْفُسِ

<<  <   >  >>