للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ: الْقَدِيم معنى وَاحِد، لِامْتِنَاع معَان لَا نِهَايَة لَهَا، وَامْتِنَاع التَّخْصِيص بِعَدَد دون عدد.

فَقَالُوا: هُوَ معنى وَاحِد، وَقَالُوا: إِن الله تَعَالَى لَا يتَكَلَّم بالْكلَام الْعَرَبِيّ والعبري، وَقَالُوا: إِن معنى التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن وَسَائِر كَلَام الله معنى وَاحِد، وَمعنى آيَة الْكُرْسِيّ وَآيَة الدّين معنى وَاحِد، إِلَى غير ذَلِك من اللوازم الَّذِي يَقُول جُمْهُور الْعُقَلَاء: إِنَّهَا معلولة الْفساد بضرورة الْعقل.

وَمن هَؤُلَاءِ من عرف أَن الله تكلم بِالْقُرْآنِ الْعَرَبِيّ، والتوراة العبرية، وَأَنه نَادَى مُوسَى بِصَوْت، وينادي عباده بِصَوْت، وَأَن الْقُرْآن كَلَام الله حُرُوفه ومعانيه، لَكِن اعتقدوا مَعَ ذَلِك أَنه قديم وَأَن الله تَعَالَى لم يتَكَلَّم بمشيئته وَقدرته، فالتزموا: أَنه حُرُوف وأصوات قديمَة الْأَعْيَان لم تزل وَلَا تزَال، وَقَالُوا: إِن الْبَاء لم تسبق السِّين، وَإِن السِّين لم تسبق الْمِيم، وَإِن جَمِيع الْحُرُوف مقترنة بَعْضهَا بِبَعْض اقترانا [قَدِيما] أزليا، لم يزل وَلَا يزَال، وَقَالُوا: هِيَ مترتبة فِي حَقِيقَتهَا وماهيتها، غير مترتبة فِي وجودهَا، وَقَالَ كثير مِنْهُم، إِنَّهَا مَعَ ذَلِك شَيْء وَاحِد، إِلَى غير ذَلِك من اللوازم الَّتِي يَقُول جُمْهُور الْعُقَلَاء: إِنَّهَا مَعْلُومَة الْفساد بضرورة الْعقل.

وَمن هَؤُلَاءِ من يَقُول: هُوَ قديم، وَلَا يفهم معنى الْقَدِيم.

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الله تَعَالَى يتَكَلَّم بمشيئته وَقدرته، مَعَ أَنه غير مَخْلُوق، وَهَذَا قَول جَمَاهِير أهل السّنة وَالنَّظَر، وأئمة أهل السّنة والْحَدِيث.

لَكِن من هَؤُلَاءِ من اعْتقد: أَن الله لم يُمكنهُ أَن يتَكَلَّم فِي الْأَزَل بمشيئته، كَمَا لم يُمكنهُ - عِنْدهم - أَن يفعل فِي الْأَزَل شَيْئا.

<<  <  ج: ص:  >  >>