فالتزموا: أَنه تكلم بمشيئته بعد أَن لم يكن متكلما، كَمَا أَنه فعل بعد أَن لم يكن فَاعِلا، وَهَذَا قَول كثير من أهل الْكَلَام والْحَدِيث وَالسّنة.
وَأما السّلف وَالْأَئِمَّة فَقَالُوا: إِن الله تَعَالَى يتَكَلَّم بمشيئته وَقدرته، وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك قديم النَّوْع، بِمَعْنى أَنه لم يزل متكلما إِذا شَاءَ، فَإِن الْكَلَام صفة كَمَال، وَمن يتَكَلَّم أكمل مِمَّن لَا يتَكَلَّم، وَمن يتَكَلَّم بمشيئته وَقدرته، أكمل مِمَّن لَا يكون متكلما بمشيئته وَقدرته، وَمن لَا يزَال متكلما بمشيئته وَقدرته، أكمل مِمَّن يكون مُمكنا لَهُ بعد أَن يكون مُمْتَنعا مِنْهُ، أَو قدر أَن ذَلِك مُمكن، فيكف إِذا كَانَ مُمْتَنعا، لِامْتِنَاع أَن يصير الرب قَادِرًا بعد أَن لم يكن، وَأَن يكون التَّكَلُّم وَالْفِعْل مُمكنا بعد أَن كَانَ غير مُمكن) انْتهى نقل الشَّيْخ تَقِيّ الدّين.
وَقَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل فِي " أُصُوله " فِي الْأَمر: (الْأَمر قسم من أَقسَام الْكَلَام، وَالْكَلَام: الْأَلْفَاظ المنتظمة لمعانيها، وَالْإِنْسَان قبل تلفظه يقوم بِقَلْبِه طلب فَيفزع إِلَى اللَّفْظ، كَمَا إِذا قَالَ: " أسقني مَاء "، كَأَنَّهُ يجد طلبا قَائِما بِقَلْبِه، فيقصد اللَّفْظ.
وَاخْتلف النَّاس فِي حَقِيقَة ذَلِك الطّلب، فَقَالَت طَائِفَة: هُوَ قسم من أَقسَام الْعلم، وَقَالَت أُخْرَى: إِرَادَة الْفِعْل، وَقَالَت الأشعرية: هُوَ كَلَام النَّفس، وَهُوَ مُغَاير للْعلم والإرادة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute