للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأنْكرت الجماهير والمعتزلة قيام معنى بِالنَّفسِ غير الْعلم والإرادة، وَقَالُوا: الْقَائِم بِالْقَلْبِ هُوَ صُورَة مَا يُرِيد النُّطْق بِهِ.

قَالَ أَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ: (الَّذِي يجده الْإِنْسَان فِي نَفسه قبل أَن يتَكَلَّم هُوَ استحضار صور الْكَلَام، وَالْعلم بِمَا يَقُوله شَيْئا فَشَيْئًا، والعزم على إِيرَاده بِاللِّسَانِ، كَمَا يستحضر صُورَة الْكِتَابَة قبل أَن يكْتب، وَلَا مُقْتَضى لإِثْبَات أَمر غير مَا ذَكرْنَاهُ) .

قَالَ: (وَلَو ثَبت لم يكن كلَاما فِي اللُّغَة، وَلَا يُسمى الْإِنْسَان لأَجله متكلما، وَلذَلِك يَقُول أهل اللُّغَة للساكت: (إِنَّه غير مُتَكَلم) ، وَإِن جَازَ أَن يقوم بِهِ ذَلِك الْمَعْنى، وَلَا يَقُولُونَ للساكت: (إِنَّه غير مُرِيد وَلَا عَالم) .

قَالَ: وَقَول أهل اللُّغَة: (فِي نَفسِي كَلَام) ، مجَاز، وَالْمرَاد بذلك: عزم على الْكَلَام، كَقَوْلِهِم: (فِي نَفسِي السّفر) .

قَالَ: (وَلَو ثَبت فِي النَّفس معنى هُوَ الْكَلَام عَن الاعتقادات والعزم، لَكَانَ مُحدثا، لِأَن الَّذِي يشيرون إِلَيْهِ مُرَتّب يَتَجَدَّد فِي النَّفس بعضه بعد بعض، ومرتب حسب تَرْتِيب الْكَلَام المسموع، فَإِن كَانَ كَلَام الله معنى مَا فِي النَّفس من الْكَلَام فِي الشَّاهِد، اسْتَحَالَ قدمه، وَإِن لم يكن مَعْنَاهُ بَطل

<<  <  ج: ص:  >  >>