للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَنْبِيهَانِ: الأول: قَالَ الجدليون: إِن فِي القَوْل بِالْمُوجبِ انْقِطَاعًا لأحد المتناظرين؛ لِأَن الْمُسْتَدلّ إِن أثبت مَا ادَّعَاهُ انْقَطع الْمُعْتَرض. وَمَا قَالُوهُ صَحِيح فِي الْقسمَيْنِ الْأَوَّلين كَمَا عرف، وَهُوَ بعيد فِي الْقسم الثَّالِث؛ لاخْتِلَاف المرادين، لِأَن مُرَاد الْمُسْتَدلّ أَن الصُّغْرَى وَإِن كَانَت محذوفة لفظا فَإِنَّهَا مَذْكُورَة تَقْديرا، وَالْمَجْمُوع يُفِيد الْمَطْلُوب، وَمُرَاد الْمُعْتَرض أَن الْمَذْكُور لما كَانَت الْكُبْرَى وَحدهَا وَهِي لَا تفِيد الْمَطْلُوب، توجه الِاعْتِرَاض.

الثَّانِي: جَوَاب الْقسم الأول بِأَنَّهُ مَحل النزاع، أَو مُسْتَلْزم لمحل النزاع، كَمَا لَو قَالَ حنبلي، أَو شَافِعِيّ: لَا يجوز قتل الْمُسلم بالذمي، قِيَاسا على الْحَرْبِيّ.

فَيُقَال بِالْمُوجبِ؛ لِأَنَّهُ يجب قَتله بِهِ، وقولكم: لَا يجوز نفي الْإِبَاحَة، الَّتِي مَعْنَاهَا اسْتِوَاء الطَّرفَيْنِ، ونفيها لَيْسَ نفيا للْوُجُوب، وَلَا مستلزما لَهُ.

فَيَقُول الْحَنْبَلِيّ: المعني بِلَا يجوز تَحْرِيمه، وَيلْزم من ثُبُوت التَّحْرِيم نفي الْوُجُوب لِاسْتِحَالَة الْجمع بَين الْوُجُوب وَالتَّحْرِيم.

وَجَوَاب الْقسم الثَّانِي: بِأَن يبين فِي المستنتج أَنه المأخذ بِالنَّقْلِ عَن أَئِمَّة الْمَذْهَب وشهرة المأخذ.

وَجَوَاب الْقسم الثَّالِث بِأَن الْحَذف لإحدى المقدمتين سَائِغ عِنْد الْعلم بالمحذوف، والمحذوف مُرَاد وَمَعْلُوم فَلَا يضر حذفه، وَالدَّلِيل هُوَ الْمَجْمُوع لَا الْمَذْكُور وَحده، وَكتب الْفِقْه مشحونة بذلك، بل لَا يكَاد يُوجد ذكر المقدمتين فِي قِيَاس إِلَّا نَادرا؛ قصدا للاختصار والاستشهاد، أَو للقرينة وَنَحْوهمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>