وَالْفَتْوَى فِي مَسْأَلَة خَاصَّة، أَو بَاب خَاص، وَأطَال فِي ذَلِك.
الْحَالة الثَّالِثَة: أَن لَا يبلغ بِهِ رُتْبَة أَئِمَّة الْمذَاهب أَصْحَاب الْوُجُوه والطرق، غير أَنه فَقِيه النَّفس، حَافظ لمَذْهَب إِمَامه، عَارِف بأدلته، قَائِم بتقريره، ونصرته، يصور وَيُحَرر، ويمهد ويقرر، ويزيف ويرجح، لكنه قصر عَن دَرَجَة أُولَئِكَ إِمَّا لكَونه لم يبلغ فِي حفظ الْمَذْهَب مبلغهم، وَإِمَّا لكَونه غير متبحر فِي أصُول الْفِقْه وَنَحْوه، غير أَنه لَا يَخْلُو مثله فِي ضمن مَا يحفظه من الْفِقْه ويعرفه من أدلته عَن أَطْرَاف من قَوَاعِد أصُول الْفِقْه وَنَحْوه، وَإِمَّا لكَونه مقصرا فِي غير ذَلِك من الْعُلُوم الَّتِي هِيَ أدوات الِاجْتِهَاد الْحَاصِل لأَصْحَاب الْوُجُوه والطرق.
وَهَذِه صفة كثير من الْمُتَأَخِّرين الَّذين رتبوا الْمذَاهب وحررورها، وصنفوا فِيهَا تصانيف بهَا يشْتَغل النَّاس غَالِبا، وَلم يلْحقُوا من يخرج الْوُجُوه ويمهد الطّرق فِي الْمذَاهب، وَأما فِي فتاويهم فقد كَانُوا يتبسطون فِيهَا كبسط أُولَئِكَ أَو نَحوه، ويقيسون غير الْمَنْقُول والمسطور على الْمَنْقُول والمسطور فِي الْمَذْهَب، غير مقتصرين فِي ذَلِك على الْقيَاس الْجَلِيّ، وَقِيَاس لَا فَارق، نَحْو: قِيَاس الْمَرْأَة على الرجل فِي رُجُوع البَائِع إِلَى عين مَاله عِنْد تعذر الثّمن، وَلَا تبلغ فتاويهم فَتَاوَى أَصْحَاب الْوُجُوه، وَرُبمَا تطرق بَعضهم إِلَى تَخْرِيج قَول، واستنباط وَجه وإجمال، وفتاويهم مَقْبُولَة أَيْضا.
الْحَالة الرَّابِعَة: أَن يقوم بِحِفْظ الْمَذْهَب وَنَقله وفهمه، فَهَذَا يعْتَمد نَقله وفتواه بِهِ فِيمَا يحكيه من مسطورات مذْهبه من منصوصات إِمَامه، أَو تفريعات أَصْحَابه الْمُجْتَهدين فِي مَذْهَبهم وتخريجاتهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute