للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأما مَا يجده مَنْقُولًا فِي مذْهبه فَإِن وجد فِي الْمَنْقُول مَا هَذَا فِي مَعْنَاهُ بِحَيْثُ يدْرك من غير فضل فكر وَتَأمل أَنه لَا فَارق بَينهمَا، كَمَا فِي الْأمة بِالنِّسْبَةِ إِلَى العَبْد الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِي إِعْتَاق الشَّرِيك، جَازَ لَهُ إِلْحَاقه بِهِ وَالْفَتْوَى بِهِ، وَكَذَا مَا يعلم اندراجه تَحت ضَابِط ومنقول [ممهد] من الْمَذْهَب، وَمن لم يكن كَذَلِك فَعَلَيهِ الْإِمْسَاك عَن الْفتيا بِهِ.

وَمثل هَذَا يَقع نَادرا فِي حق مثل الْفَقِيه الْمَذْكُور، إِذْ يبعد أَن تقع وَاقعَة لم ينص على حكمهَا فِي الْمَذْهَب، وَلَا هِيَ فِي معنى بعض الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِيهِ، من غير فرق وَلَا مندرجة تَحت شَيْء من ضوابط الْمَذْهَب المحررة فِيهِ.

ثمَّ إِن هَذَا الْفَقِيه لَا يكون إِلَّا فَقِيه النَّفس؛ لِأَن تصور الْمسَائِل على وَجههَا، وَنقل أَحْكَامهَا بعده لَا يقوم بِهِ إِلَّا فَقِيه النَّفس، وَيَكْفِي استحضار أَكثر الْمَذْهَب مَعَ قدرته على مطالعة بَقِيَّته قَرِيبا. انْتهى كَلَامه فِي " آدَاب الْمُفْتِي ".

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ وَغَيره: " هُوَ أَن يعرف قَوَاعِد ذَلِك الْمَذْهَب وأصوله، ونصوص صَاحب الْمَذْهَب، بِحَيْثُ لَا يشذ عَنهُ شَيْء من ذَلِك، فَإِذا سُئِلَ عَن حَادِثَة، فَإِن عرف نصا لصَاحب الْمَذْهَب فِيهَا أجَاب بِهِ، وَإِلَّا اجْتهد فِيهَا على مذْهبه، وخرجها على أُصُوله.

قَالَ ابْن أبي الدَّم: وَهَذَا - أَيْضا - يَنْقَطِع فِي زَمَاننَا بِهَذِهِ الْمرتبَة دون مرتبَة الِاجْتِهَاد الْمُطلق، ومرتبة ثَالِثَة دون الثَّانِيَة وَهِي مرتبَة مُجْتَهد الْفتيا، أَي:

<<  <  ج: ص:  >  >>