للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأما أَئِمَّة أَصْحَاب مَالك، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد، وَعَامة أَصْحَاب أبي حنيفَة فَإِنَّهُم لَا يَقُولُونَ بقول هَؤُلَاءِ؛ بل يَقُولُونَ بِمَا اتّفق عَلَيْهِ السّلف من أَنه سُبْحَانَهُ مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لم يَشَأْ لم يكن، وَمن الْفرق بَين محبته ومشئيته وَرضَاهُ، فَيَقُولُونَ: إِن الْكفْر والفسوق والعصيان وَإِن وَقع بمشيئته، فَهُوَ لَا يُحِبهُ وَلَا يرضاه، بل يسخطه ويبغضه.

وَيَقُولُونَ: إِن إِرَادَة الله تَعَالَى فِي كِتَابه نَوْعَانِ:

نوع بِمَعْنى الْمَشِيئَة لما خلق، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره لِلْإِسْلَامِ وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجا كَأَنَّمَا يصعد فِي السَّمَاء} [الْأَنْعَام: ١٢٥] .

وَنَوع بِمَعْنى محبته وَرضَاهُ لما أَمر بِهِ، وَإِن لم يخلقه، كَقَوْلِه تَعَالَى: {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر} [الْبَقَرَة: ١٨٥] ، {مَا يُرِيد الله ليجعل عَلَيْكُم من حرج وَلَكِن يُرِيد ليطهركم وليتم نعْمَته عَلَيْكُم لَعَلَّكُمْ تشكرون} [الْمَائِدَة: ٦] ، فِي آي كَثِيرَة.

وَبِهَذَا يفصل النزاع فِي مَسْأَلَة الْأَمر، هَل هُوَ مُسْتَلْزم للإرادة أم لَا؟

فَإِن الْقَدَرِيَّة تزْعم أَنه مُسْتَلْزم للمشيئة، فَيكون قد شَاءَ الْمَأْمُور بِهِ وَلم يكن.

والجهمية قَالُوا: إِنَّه غير مُسْتَلْزم لشَيْء من الْإِرَادَة، وَلَا [لحبه] لَهُ، وَلَا رِضَاهُ بِهِ، إِلَّا إِذا وَقع، فَإِنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن) انْتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>