للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأول من أوجه الرفع: عطفه على الضمير في «أملك»، ذكره الزمخشري، وجاز ذلك؛ للفصل بينهما بالمفعول المحصور، ويلزم من ذلك أنَّ «موسى وهارون» لا يملكان إلَّا نفس موسى فقط، وليس المعنى على ذلك، بل الظاهر أن موسى يملك أمر نفسه وأمر أخيه، أو المعنى: وأخي لا يملك إلا نفسه، لا يملك بني إسرائيل.

وقيل: لا يجوز؛ لأنَّ المضارع المبدوء بالهمز لا يرفع الاسم الظاهر لا تقل: أقوم زيد، الثاني: عطفه على محل «إن» واسمها، أي: وأخي كذلك، أي: لا يملك إلا نفسه كما في قوله: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٣]، وكما في قوله: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ} [٤٥] بالرفع على قراءة الكسائي (١)، فقوله: «بالنفس» متعلق بمحذوف خبر.

الثالث: أن «وأخي» مبتدأ حذف خبره، أي: «وأخي» كذلك لا يملك إلا نفسه، فقصته كقصتي، والجملة في محل رفع خبر، قاله محمد بن موسى اللؤلؤي، وخولف في ذلك؛ لأنَّ المعنى: إنَّ قوم موسى خالفوا عليه إلَّا هارون وحده.

الوجه الأول من وجهي النصب: أنه عطف على اسم «إنَّ».

والثاني: أنه عطف على «نفسي» الواقع مفعولًا لـ «أملك».

السادس: أنه مجرور عطفًا على الياء المخفوضة بإضافة النفس، على القول بالعطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، وهذا الوجه لا يجيزه البصريون؛ فمن وقف على «نفسي»، وقدَّر: وأخي مبتدأ حذف خبره، أي: وأخي كذلك لا يملك إلَّا نفسه -فوقفه تام، ومن وقف على «وأخي» عطفًا على نفسي، أو عطفًا على الضمير في «أملك»، أي: لا أملك أنا وأخي إلَّا أنفسنا، أو على اسم «إن»، أي: أني وأخي -كان حسنًا، وهذا غاية في بيان هذا الوقف،،، ولله الحمد (٢)

{الْفَاسِقِينَ (٢٥)} [٢٥] كاف؛ لأنَّه آخر كلام موسى - عليه السلام -، يبنى الوقف على قوله: «عليهم»، أو على «سنة»، والوصل على اختلاف أهل التأويل في «أربعين»، هل هي ظرف للتيه بعده، أو للتحريم قبله؟! فمن قال: إنَّ التحريم مؤبد، وزمن التيه: أربعون سنة وقف على «محرمة عليهم»، ويكون على هذا «أربعين» منصوبًا على الظرف، والعامل فيه «يتيهون»، ومن قال: إن زمن التحريم، والتيه أربعون سنة، فـ «أربعين» منصوب بـ «محرمة» وقف على «يتيهون في الأرض»، على أن «يتيهون» في موضع


(١) قرأ الكسائي: {وَالْعَيْنَ}، {وَالأَنْفَ}، {وَالأُذُنَ}، {وَالسِّنَّ} [٤٥] بالرفع فيهن؛ وقرأ الباقون بالنصب؛ وجه من قرأ بالرفع فيهن فذلك على الاستئناف والواو عاطفة جملا اسمية على (أن) وما في حيزها باعتبار المعنى والمحل مرفوع، كأنه قيل: وكتبنا عليهم النفس بالنفس والعين بالعين ... ووجه من قرأ بنصب الكلمات الخمس عطفًا على اسم (أن) لفظًا، والجار والمجرور بعده خبر. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: ٢٠٠)، الإعراب للنحاس (١/ ٤٩٩)، الإملاء للعكبري (١/ ١٢٦)، البحر المحيط (٣/ ٤٩٤).
(٢) انظر: تفسير الطبري (١٠/ ١٨٤)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>