للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا في الحالة التي استثناها، وهو إلَّا في كتاب مبين فيعزب، وهو غير جائز، بل الصحيح الابتداء بـ «إلَّا» على تقدير الواو وأي، وهو أيضًا في كتاب مبين، وقال أبو شامة: ويزول الإشكال أيضًا بأن تقدر قبل قوله: «إلَّا في كتاب مبين» ليس شيء من ذلك إلَّا في كتاب مبين، ويجوز الاستثناء من «يعزب»، ويكون «يعزب» بمعنى: يبين ويذهب المعنى لم يبن شيء عن الله تعالى بعد خلقه له إلَّا وهو في اللوح المحفوظ مكتوب (١).

{يَحْزَنُونَ (٦٢)} [٦٢] تام، إن رفع «الذين» على الابتداء، والخبر «لهم البشرى»، أو جعل «الذين» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين، أو نصب بأعني مقدرًا، وليس بوقف في خمسة أوجه، وهي كونه نعتًا على موضع «أولياء»، أو بدلًا من الموضع أيضًا، أو بدلًا من «أولياء» على اللفظ، أو على إضمار فعل لائق، والجرِّ بكونه بدلًا من الهاء في «عليهم»، ففي إعراب «الذين» ثمانية أوجه: أربعة في الرفع، وثلاثة في النصب، وواحد في الجرِّ.

{يَتَّقُونَ (٦٣)} [٦٣] تام، إن لم يجعل «لهم البشرى» خبرًا لقوله: «الذين»، وليس بوقف إن جعل خبرًا.

{وَفِي الْآَخِرَةِ} [٦٤] حسن، وقيل: تام، والمعنى: لهم البشرى عند الموت، وإذا خرجوا من قبورهم، وقال عطاء: لهم البشرى في الحياة الدنيا عند الموت تأتيهم الملائكة بالرحمة والبشارة من الله تعالى، وتأتي أعداء الله بالغلظة والفظاظة، وفي الآخرة عند خروج روح المؤمن تعرج بها إلى الله تعالى تُزَفُّ كما تزف العروس، تبشر برضوان الله تعالى، وفي الحديث: «لا نبوَّة بعدي إلَّا المبشرات» قيل: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة يراها، المؤمن أو تُرى له» (٢)، وفيه: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، فأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا» (٣).

{لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [٦٤] حسن.

{الْعَظِيمُ (٦٤)} [٦٤] تام.

{وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} [٦٥] أتم، ثم يبتدئ «إنَّ العزة»، وإن كان من المستحيل أن يتوهم أحد أنَّ هذا من مقول المشركين؛ إذ لو قالوا ذلك لم يكونوا كفارًا، ولما حزن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هو مستأنف ليس من مقولهم، بل هو جواب سؤال مقدر، كأنَّ قائلًا قال: لِمَ لا يحزنه قولهم، وهو مما يحزن؟ فأجيب بقوله:


(١) انظر: تفسير الطبري (١٥/ ١١٤)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور (٥/ ٣٢١، رقم: ١٠٦٨)، وأحمد (٥/ ٤٥٤، رقم: ٢٣٨٤٦)، وأخرجه أيضًا: الطبرانى (٣/ ١٧٩ رقم: ٣٠٥١)، قال الهيثمى (٧/ ١٧٣): رجاله ثقات، والضياء (٨/ ٢٢٣، رقم: ٢٦٤).
(٣) أخرجه البخارى (٦/ ٢٥٧٤، رقم: ٦٦١٤)، ومسلم (٤/ ١٧٧٣، رقم: ٢٢٦٣)، وابن ماجه (٢/ ١٢٨٩، رقم: ٣٩١٧)، وأخرجه أيضًا: الدارمى (٢/ ١٦٨، رقم: ٢١٤٤)، وابن حبان (١٣/ ٤٠٤، رقم: ٦٠٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>