فعاد ابو عثمان الى النظر في الحكم فركب الى الجامع وقرئ كتابه وقام الامير تكين بحقّه
قال ابن زولاق: وجرت في ولاية ابي عثمان حوادث منها انه ورد عليه كتاب (١) من بغداد بتوريث ذوي الارحام. وكان لشدة حيائه لا يفهم اكثر كلامه فجرت بسبب ذلك امور. قال: وقد حدّثني ابو الطاهر الذهليّ انه لمّا حجّ كان يلبّي فلا يسمع صوته بل كان النساء يرفعن اصواتهنّ بالتلبية اجهر منه لشدّة خجله. فلم يزل حتى صرف اخوه في ربيع الآخر سنة ٢٠ فصرف هو ايضا وكانت ولايته الثانية سنتين وتسعة اشهر. ثمّ ورد عليه كتاب القاهر من بغداد بتوليته استقلالا وذلك في شهر رمضان سنة ٢١ فكانت هذه اجلّ ولاياته وواصل فيها النزول الى الجامع وسكن في دار محمد بن عبدة وكانت دارا عظيمة سيأتي ذكرها في ترجمته. وكان في طول ولايته يتردّد الى ابي جعفر الطحاويّ يسمع عليه تصانيفه بقراءة الحسن بن عبد الرحمن وهو يومئذ قاضي مصر. فدخل رجل من اهل أسوان فسأل ابا جعفر عن مسئلة فقال له الطحاويّ: مذهب القاضي ايّده الله كذا وكذا. فقال: ما جئت الى القاضي انما جئت اليك. فقال: يا هذا هو كما قلت. فاعاد فقال له ابو عثمان: أفته ايدك الله برأيك. فقال: اذا أذن القاضي أيّده الله أفتيته. ثمّ أفتاه. وكان ذلك يعدّ من ادب الطحاويّ وفضله
ووصف ابو القاسم القرشيّ ابا عثمان بالزهد والعبادة وقيام الليل وهو اوّل من خرج بالناس الى مسجد محمود بالقرافة لرؤية هلال رمضان
وقال ابو سعيد ابن يونس في تاريخه: كان كريما كثير الحياء حدّث عن إسماعيل ابن اسحاق وخلق كثير من اهل بغداد وكان ثقة كثير الحديث وعاش الى شهر رمضان سنة ٣٢٩ فمات ببغداد في هذه السنة بعد اخيه بنحو سنة
(١) توجد صورة هذا الكتاب بعينه في كتاب الوزراء لهلال الصابئ ص ٢٤٧