ابن عبد العزيز البغويّ بمكّة ومن غيره بمصر. قال ابن يونس في تاريخه: كان ابوه روميّا صيرفيّا وتفقّه هو على مذهب الكوفيّين وجالس الطحاويّ وحدّث عن عليّ ابن عبد العزيز وجماعة من المكيّين والمصريّين وكان ثقة. وقال ابو عمر: يقال ان بدرا خلّف مائة الف دينار عينا سوى الرباع وغيرها ولم يخلف وارثا غيره. وكتب محمد بن بدر الحديث وتعلّم الفروسيّة وركوب الخيل ولازمه جماعة من المصريّين. وكان من بداية امره لهجا بحبّ القضاء حتى بلغ من شغفه انه اجتمع عنده في بستان له بالجيزة جماعة فجلس مجلس القاضي وجلسوا حوله كالشهود يستعرضهم فعدّل جماعة واوقف جماعة فاتّفق انه ولي القضاء حقيقة فاجاز من كان عدّله واوقف من كان اوقفه فعدّ ذلك من عجيب الاتّفاق
ولازم محمد بن بدر القضاة يخدمهم ويتعاطى امورهم ويتقرّب اليهم وجهد حتى جلس مع ابي جعفر الطحاويّ ايّام محمد بن عبدة يكتب في الحكم. وكان يجالس وصيفا صاحب الشرطة ويراجعه في الامور الشرعيّة فانشأه الطحاويّ فلما ولي ابو عثمان بن حمّاد القضاء خطب محمد بن بدر القضاء من العراق فبلغ ذلك اخاه هارون ابن حمّاد فامر اخاه ابا عثمان ان يسعى في إفساد حاله فجمع وجوه الناس من الشهود والتجّار واخبرهم بان محمد بن بدر يروم ولاية القضاء فتكلّموا فيه واستصغروه عن ذلك فامرهم ان يكتبوا فيه محضرا فكتبوا انهم لا يعلمون ان اباه خرج من الرقّ ونسبوا محمّدا الى كل قبيح في لسانه وملبسه حتى سراويله وشهد في المحضر جماعة فكتب كل منهم ما زعم انه اطّلع عليه ومن جملة من كتب ابو الذكر الذي ولي القضاء بعد ابي عبيد بن حربويه وعبد الرحمن بن اسحاق بن معمر الذي ولي القضاء ايضا واسجل ابو عثمان بن حمّاد شقيقه (؟) وكتب بذلك عدّة نسخ وانفذ واحدة منها الى العراق وخلّد نسخة بديوان الحكم واودع بقيّة النسخ عند اعيان المصريّين.
واستقرّ محمد بن بدر في منزله فبالغوا في امره حتى قال قائل: ايّها القاضي ألا تسلّم ما في يد محمد بن بدر من المال لمواليه وتسألهم عتقه وان يدفعوا اليه بعلاق راوية يستقي عليها الماء ليتكسب بذلك. فبلغ ذلك ابا هاشم المقدسيّ الذي ولي القضاء ايضا بعد وارسل الى محمد بن بدر ليلا يسأل عن حاله فحدّثه بتعصّبهم عليه فركب