الضرب واستناب ابا بكر بن الحدّاد فقيه الديار المصرية وكان يخلفه في الحكم وكان هو يجلس في الجامع كل سبت وكان مفضالا سخيّا يقال انه بلغه ان ابن الحدّاد بنى دارا فارسل اليه ثلاثمائة دينار وقال: اشتر بهذه سنّورا. ودخل عليه مرّة وفي يد القاضي قطعة عنبر فناولها له فشمّها ثم ردّها فانكر عليه وقال: سبحان الله.
وابى ان يستردّها منه ويقال ان وزنها كان مائتي مثقال. ثم وقعت بينهما مشاجرة في شيء فتقاطعا وخرج ابن الحدّاد معه. وكان الحسين يباشر القضاء بنفسه غدوة وعشيّة فتوسّط بينهما الحسن بن طاهر الحسينيّ عمّ ابي جعفر مسلم فتوجّه الى الجامع (١٤١ ب) عشيّة الجمعة فاخذ بيد ابي بكر ومضى به الى ابن ابي زرعة فاصلح بينهما فقال ابن ابي زرعة: ما كان لنا بدّ من نصيب يشير اليّ ان ابن الحدّاد حادّ الخلق. ثم قال: والله ما أعدّه الاّ والدا. فانكبّ ابن الحدّاد عليه فقبّل صدره فاصطلحا وعادا الى ما كانا عليه من الرضى الى ان تفرّقا بالموت. ويقال ان الحسن بن طاهر لما دخل بابن الحدّاد رأى الحسين في العلو فبلغه فنزل ومرّ عليهما فسلّم ولم يجلس عندهما وتوجّه الى مكان آخر فجلس فيه واستدعاهما فلما دخلا عليه قام وتلقّاهما وفعل ذلك ادبا مع الشريف لئلاّ يقوم اليه واستحسن من رأى ذلك عنده وعدّوه من آدابه
واستكتب في الحكم الحسن بن عبد الرحمن بن اسحاق الجوهريّ الماضي ذكره قريبا وعدّل جماعة من الاشراف ومن وجوه مصر. قال ابن زولاق: ولم يكن ابن ابي زرعة يخالف ابن الحدّاد في شيء ولما صرف ابن ابي الشوارب من القضاء وذلك في سنة ٣٢٧ واستقرّ عوضه ابو نصر يوسف بن عمر بن ابي عمر كتب الى ابن ابي زرعة باستمراره على قضاء مصر فقبل ذلك فقرأ كتابه على الناس في داره وفيه: وهذا عهدي اليك بخطّي. وكان حسن الخطّ. وذكر ابو الطاهر الذهليّ ان سنّ يوسف حينئذ كانت نحو العشرين. فيقال ان ابن الحدّاد [قال] لابن ابي الزرعة:
تقبل كتاب صبيّ وما عليك ان تأخذ انت هذا الامر من [الاصل]. فقال: لو اردت قضاء بغداد لفعلت وقد كتبت في امر قضاء الحرمين. واتّفق انه اعتلّ عن قريب فمات في ذي الحجّة يوم النحر سنة ٢٧ وله ثمان واربعون سنة وكانت ولايته