وليد واتّخذوا لهم مجلسا في الجامع ونصبوا لهم حصيرا فواظب ابن وليد الحضور الى الجامع والجلوس في مجلسه وابو الذكر عند يساره وعليّ بن احمد بن اسحاق عن يمينه يشاهدان احكامه واستكثر من الشهود فوجده الشهود نصح
وجرت بين ابي بكر عبد الرحمن بن سلمون الرازيّ الفقيه وبين ابي الذكر منازعة فتظلّم الرازيّ الى الوزير فدخل عبد الله بن وليد في الوسط فاخذهما من دار الوزير وانصرف فلمّا بلغ داره ادخل الرازيّ وكان ذلك في رمضان فافطر عنده ثم ركب من الغد الي الجامع فاحضرهما وكثر الجمع فافرط ابن وليد في مدح ابي بكر الرازيّ وانقص ابا الذكر فانقبض ابو الذكر عن ابن وليد وكان قبل ذلك يركب معه ويعاضده في اموره وتخصّص به الرازيّ وصار يركب معه
وحضر ابن وليد دار الإخشيد بحضرة ابي القاسم بن الإخشيد وهناك إملاك وكان الخاطب عليّ بن محمد الهاشميّ احد الفصحاء الخطّب فعارضه ابن وليد فقال له: أتعارضني. فقال له: الذي عارضك كذا. فالتفت الى الشهود فقال: أهذا قاضيكم.
وكان يقول: والله لادعنّ الشهادة ينادى عليها في سوق وردان وفي السمّاكين. وكان يسميهم اليهود حين كان يقول لحاجبه اذا استأذن لهم ويسمّي الأمناء الكهناء. وكان كثير الهزل حتى قالت له امرأة: خذ بيدي. فقال: وبرجلك. ومع ذلك لم يطعن عليه في سراويل ولا في شرب مسكر الا انه كان ينقّم عليه الهزل والتبسّط في الاحكام وأخذ الرشوة. واتّفق وصول عمر بن الحسن بن عبد العزيز الهاشميّ من مكّة وكان مجاورا بها فاجتمع به الشهود ورأسهم يحيى بن مكّي بن رجاء وحسّنوا له ان يتسلّم القضاء عوضا عن اخيه فسعى في ذلك فاجابه كافور بعد ان بذل له مالا فوقّع له بتسليم العمل فتسلّمه منه الحسين بن محمد المطّلبيّ فتوجّه المطّلبيّ الى محمد واحمد ابني حمزة بن ايّوب وكان المودع عندهما فكسر خاتم ابن وليد وطبع على الديوان بخاتم عمر بن الحسن فزال امر ابن وليد وكانت مدّته الاخيرة سنتين وثلاثة (٥٣ ب) اشهر فاقام بطّالا ثنتي عشرة سنة ثم ولي قضاء دمشق فلم يحمد ونهبت داره
وفي مدّة عطلته مضى ماشيا الى يحيى بن مكّي بن رجاء فصالحه وكانت وفاته وهو بطّال في ذي القعدة سنة ٣٦٩ وقد جاوز التسعين وظهرت عليه آثار الخرف.