حبس الحمّام المذكور فعظم الخطب وكثر القول في ذلك. فحضر جماعة من الشهود وغيرهم مجلس ابن ابي ثوبان فلمّا قرئ عليه السجلّ قام الحسين بن كهمش وكان كبير الشهود يومئذ ومقدّمهم فقال: ان للقاضي ابي طاهر في هذا الحمّام سجلاّ سابقا بانه حبس وقد ذكرت في هذا السجلّ انه ثبت عندك بشهادة شاهدين بانها مخلّفة عن كيجور فمن الشاهدان. فقال: ابو احمد عبيد الله بن محمد المراديّ فسئل ابو احمد فانكر فقال له ابن ابي ثوبان: بلى قد شهدت عندي. [فقال له الحسين:
امّا هذا فقد بطلت شهادته فمن الثاني. قال محمد بن المهذّب: فسئل محمد فقال:
اشهد ان كيجور بناها. فقال له الحسين: فمات وهي ملكه]. فقال: ما ادري. قال:
فالارض له. فسكت قال: فتشهد ان الرصاص الذي فيها والبلاط والمجاري وجميع الآلات مما عمله كيجور. فاضطرب في الجواب فقال له ابن ابي ثوبان: فقد شهدت عندي البيّنة على شهادة عليّ بن مجلّي بذلك. فقال له الحسين: حتى تسمع الشهادة بذلك وايضا فانت تكتب في سجلّك «قاضي مصر والاسكندريّة» فصرف القاضي ابو طاهر ام انت قاض معه فاوقفنا على سجلّك حتى تستقيم لنا الشهادة على احكامك. فلم يجب ونهض الشهود مستظهرين فصاروا الى ابي طاهر فاخبروه فقويت نفسه
وانهى ما جرى للوزير يعقوب بن كلّس فاخبر بذلك المعزّ وتنجّز التوقيع عنه بما يعتمد عليه في ذلك. فكتب المعزّ بخطّه: يمضى في الحمّام ما حكم به محمد بن احمد. فمضى الامر على ذلك وبطل حكم ابن ابي ثوبان وانقطع الشهود عنه بعد ان كانوا مواصليه وشاهدين على احكامه فاتّخذ جماعة من الشهود غيرهم واشهدهم على حكمه وإسجاله لابن بنت كيجور بالحمّام فانصرف الشهود من عنده وبين ايديهم من ينادي «هؤلاء عدول امير المؤمنين» في كلام كثير من التعظيم لابن ابي ثوبان
فلمّا خرج توقيع المعزّ في امر الحمّام انكسروا وقوي ابو الطاهر واصحابه ومنع اولئك الشهود من حضور مجلسه
واعتلّ ابن ابي ثوبان بسبب ذلك [فدامت] علّته الى ان اتت على نفسه فمات