فلمّا كان في رجب سنة ٩٣ اذن الحاكم لعبد العزيز بن محمد ان يسمع الدعوة والبينة مع استمرار الحسين على وظائفه فرتّب عبد العزيز له شهودا يحضرون مجلسه وشرط عليهم ان لا يحضروا مجلس ابن عمّه فبقي الناس في امر [مريج] فمن رفع قصّة الى الحسين رفع غريمه قصّة الى عبد العزيز واذا حضر عبد العزيز الى الجامع تخلو دار الحسين فكثر الكلام في ذلك والخوض فيه فكتب الحاكم بخطّه سجلاّ بانه لم يأذن لغير الحسين ان يشارك الحسين فيما فوّض اليه وامر بان يمنع من يسجّل على غيره في شيء من الاحكام (٤٠ ب) وان من دعا احدا من الخصوم وكان قد سبق الى الحسين ان لا يمكّن احدا منه وقرئ هذا السجلّ على الملإ وانشرح خاطر القاضي بذلك ولم يزل على جلالته حتى افرط في مجاوزة الحدّ في التعاظم والزم الشهود بحضور مجلسه في داره وبالجامع ومن غاب منهم لزمه جعل جيّد يؤخذ منه وكان يتتبّع قراءة ما يسجّل عليه عنده قبل ان يشهد به على نفسه. وكان مع ذلك كثير الإفضال على اهل العلم والادب والثبوت ولهم عليه جرايات من القمح والشعير مشاهرة وغيرها ويصلهم بالملابس وغير ذلك. [واستمرّ] الى ان خرج امر الحاكم بصرفه عن الحكم في شهر رمضان سنة ٩٤ فلم يشعر وهو بداره حتى دخل عليه من اعلمه بان ابن عمّه عبد العزيز ولي القضاء فانكر ذلك الى ان تحقّق فاغلق بابه ولزم بيته واشتدّ خوفه الى ان كان في السادس من المحرّم فامر الحاكم فأحضر على حمار نهارا وامر بحبسه الى اوّل سنة ٩٥ فضربت عنقه هو وابو الطاهر المغازليّ ومؤذّن القصر وأحرقت جثث الثلاثة عند باب الفتوح. وكان ممّا انكره الحاكم قصّة الرجل الذي ضربه والي الشرطة فمات كما تقدّم
وقد ذكر ابراهيم بن الرقيق في تاريخ إفريقيّة قصّة الحسين هذا مع الحاكم فقال ما نصّه: وقتل الحاكم قاضيه حسين بن عليّ بن النعمان فاحرقه بالنار قالوا: وكان من اسباب قتله ان الحاكم كان قد ملأ عينه ويده وشرط عليه العفّة عن اموال الناس فرفع الى الحاكم شخص متظلّم رقعته يذكر فيها ان اباه مات وترك له عشرين الف دينار وانها كانت في ديوان القاضي حسين وكان ينفق عليه منها مدّة معلومة فحضر يطلب من ماله شيئا فاعلمه القاضي ان الذي له نفد فاستدعى الحاكم بالقاضي فدفع