للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي الآيات يحل الله للنبي أنواع النساء المذكورات فيها، ولو كن فوق الأربع، مما هو محرم على غيره، وهذه الأنواع هي: الأزواج اللواتي أمهرهن، وما ملكت يمينه إطلاقًا من الفيء، وبنات أعمامه، وبنات عماته، وبنات خاله، وبنات خالاته، ممن هاجرن معه، دون غيرهن ممن لم يهاجرن إكرامًا للمهاجرات، وأيما امرأة وهبت نفسها للنبي بلا مهر، ولا ولي، إن أراد النبي نكاحها نكحها.

وقد جعل الله هذه الخصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم، أما سائر المسلمين فهم خاضعون لما بينه الله، وفرضه عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم، ذلك كي لا يكون على النبي حرج في استبقاء أزواجه، وفي الاستجابة للظروف الخاصة بشخصه.

ثم ترك الخيار له صلى الله عليه وسلم في أن يضم إلى عصمته من شاء، ممن يعرضن أنفسهن عليه، أو يؤجل ذلك، ومن أرجأهن فله أن يعود إليهن حين يشاء، وله أن يباشر من نسائه من يريد، ويرجئ من يريد، ثم يعود يقول الله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا} ١ فأوامر الله وتوجيهاته تراعي الظروف الخاصة المحيطة بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم، والرغبات الموجهة إليه، والحرص على شرف الاتصال به، مما يعلمه الله ويدبره بعلمه وحلمه {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا} .

وعند وصول عمره صلى الله عليه وسلم إلى الستين منعه ربه من الزواج، حيث نزل عليه قول الله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} ٢.

والآية تحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة أن يتزوج أحدًا غير نسائه اللواتي في


١ سورة الأحزاب: ٥١.
٢ سورة الأحزاب: ٥٢.

<<  <   >  >>