للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- موقف المنافقين بعد الغزوة:

سارع المنافقون بالخروج إلى ثنية الوداع حينما ندب النبي صلى الله عليه وسلم لغزوة تبوك.

ويبدو أن خروج المنافقين كان مناورة منهم لتثبيط همة المؤمنين ونشر الذعر بينهم وحتى لا يتهموا بالقعود والنكوص، وظنوا أن بمقدورهم القعود بالجيش كله من الغزو ولذلك ناقشوا كثيرًا في التخلف، وأكثروا من الحلف وهم كاذبون، وبدءوا في إضعاف عزائم المجاهدين مرة ببعد المسافة، وأخرى بقسوة الحر، وثالثة بوعورة الطريق، ورابعة بقوة الروم والأعراب المتحالفين معهم, وكل تلك أمور بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين دعاهم للخروج.

وكان أمل المنافقين القضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الإسلام كله، ولذلك خرجوا مع الجيش الإسلامي، وانتهزوا كل ما أمكنهم لتحقيق مآربهم، وأهم أفعالهم:

١- إنشاء مسجد الضرار:

بنى المنافقون في "ذي أوان" بجوار المدينة مسجدًا يتآمرون فيه، بعدما كانوا يجلسون في الخلاء ويراهم المسلمون، ويطلعون على مكرهم، وخبثهم، وهذا المسجد هو الذي عرف بمسجد الضرار، وقد دعوا الرسول صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، فوعدهم بالصلاة معهم فيه حين رجوعه من الغزوة، وأثناء عودته من تبوك نزل عليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} ١.


١ سورة التوبة: ١٠٧-١٠٨.

<<  <   >  >>