[الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة]
[مدخل]
...
[الفصل الثاني: حركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة في المدينة المنورة]
تمهيد:
تمت الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بأمر الله تعالى، وبذلك بدأت مرحلة جديدة مع الدعوة إلى الله تعالى، تتميز بخصائصها، ومفاهيمها، وأهميتها وتختلف عن المرحلة المكية بصورة كلية، وصار الأمر فيها مهيأ لانطلاقة الإسلام إلى العالم كله، بصورة عملية دائمة.
ولم يعد الصراع بين مجتمع واسع وبين أفراد قلائل فيه، كما كان الحال في مكة وإنما تحول إلى صراع بين مجتمع ومجتمع آخر يعادله، ويتفوق عليه بالإيمان الحق، وتتبع الصراط المستقيم.
وقد وصلت الدعوة الإسلامية نظريًا إلى العالم كله، خلال المرحلة المكية ومعها وصلت أخبار ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار مكة من عداوة وصراع، وهذا جعل الناس ينتظرون ما تسفر عنه الأحداث بعد الهجرة، وما ينتهي إليه الصراع بين أهل مكة وأهل المدينة. وأخذ أبناء الجزيرة على الخصوص ينتظرون نتيجة هذا الصراع، ليتخذوا قرارهم بعد أن تهدأ العاصفة، ويستقر البركان.
وأراد الله تعالى أن ينتصر دينه بمفهوم البشر وسننهم، ليشعر المؤمنون بمسئوليتهم تجاه الإسلام، ويقوم المسلمون بالواجب المنوط بهم في مجال الدعوة إلى الله تعالى، وليعلم سائر الناس أن الإسلام قوي بما فيه من تعاليم، وإرشاد، وأن الإيمان أساسه الاقتناع والرضى، وأن الاستفادة بالإسلام تحتاج إلى الاستقامة والطاعة والانقياد والتسليم وخلوص العبودية لله رب العالمين.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه خير أمة أخرجت للناس في الفهم والتطبيق والصدق والإخلاص فاستقاموا على الطريقة الحقة، وجاهدوا في الله حق الجهاد، وجعلوا كل أمانيهم إرضاء الله ورسوله، ولم يبالوا بأي أذى ينالهم، أو بأي ضرر ينزل بهم ما داموا على المنهج القويم الذي ارتضاه الله للناس.
لقد تمتعت هذه الجماعة بالإسلام في المدينة، وحولت الفكرة المجردة إلى عمل واقعي، وجعلت المبادئ حركة ناصعة تخاطب العقل، وتتراءى للعين، ويلمسها