كانت غطفان تسكن ناحية نجد، حول ماء يعرف بـ"ذي أمر""بفتح الهمزة والميم" وقد غزاها النبي صلى الله عليه وسلم من شهر المحرم في العام الثالث الهجري، وسبب هذه الغزوة أن بطنين من غطفان، وهما بطنا ثعلبة ومحارب، تجمعوا يريدون الإغارة على أطراف المدينة بقيادة "دعثور بن الحارث المحاربي" الذي تميز في قومه بالشجاعة، وحب الإغارة علم النبي صلى الله عليه وسلم ما يعد له "دعثور" بواسطة عيونه، فندب المسلمين، وخرج معهم إلى بطني ثعلبة ومحارب في أربعمائة وخمسين مقاتلا، ما بين راكب وراجل، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فوجئ دعثور وجنوده بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ففروا في رءوس الجبال ووصل المسلمون إلى مكان الماء، وعسكروا به، وأخذوا يبحثون عن دعثور ورجاله، فأصابوا رجلا منهم يقال له "جبار بن ثعلبة" فجاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دعاه إلى الإسلام أسلم فضمه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بلال وجعله دليلا للمسلمين في أرض غطفان.
ويقال أن السماء أمطرت فابتل ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل صلى الله عليه وسلم تحت شجرة هناك ونشر ثيابه لتجف، واضطجع بمرأى من المشركين، واشتغل المسلمون في شئونهم، وأعمالهم، فبعث المشركون "دعثور بن الحارث" ومعه سيف متقلد به، فبادر "دعثور" وأقبل نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم بسلاحه، حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف مشهورًا، فقال: يا محمد، من يمنعك مني اليوم؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الله".
ودفع جبريل عليه السلام في صدر "دعثور" فوقع السيف من يده.
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف، وقال له:"يا دعثور من يمنعك مني"؟.
فقال دعثور: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله،