أعد النبي صلى الله عليه وسلم سرية من أصحابه بلغ عددها ثلاثين راكبًا، ووجههم إلى "القرطاء" في أرض نجد، ناحية خيرية البكرات١، وذلك لعشر ليال خلت من المحرم سنة ست من الهجرة لتأديب بني بكر أحد بطون بني كلاب بعدما تأمروا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعدوا لذلك رجالا منهم فلما وصلت السرية إلى ديار بني بكر، وشعر القوم بها هربوا، وتركوا أنعامهم وأموالهم فغنم المسلمون منها ما استطاعوا، وعادوا إلى المدينة في آخر المحرم، وتمكنوا عند رجوعهم من أسر رجل من بني حنيفة يقال له "تمامة بن آثال" وأحضروه معهم إلى المدينة. يروي أبو هريرة رضي الله عنه قصة ثمامة فيقول: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن آثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ما عندك يا ثمامة"؟.
فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فاسأل منه ما شئت.
فتركه حتى كان الغد ثم قال له:"ما عندك يا ثمامة"؟.
قال: ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر.
فتركه حتى كان بعد الغد فقال له:"ما عندك يا ثمامة"؟.
قال: عندي ما قلت.
قال صلى الله عليه وسلم:"أطلقوا ثمامة". فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ، والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك فأصبح دينك أحب دين إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إليّ بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليّ، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟