ثالثًا: حج أبي بكر رضي الله عنه وإعلان نهاية الوثنية في الجزيرة العربية:
اقترب موسم الحج في العام التاسع الهجري فكره رسول الله أن يخرج للحج مع المشركين وبخاصة أنه صلى الله عليه وسلم عقد معهم عقد أمان يوم تبوك.
إن اشتراك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المشركين في حج البيت يؤدي إلى ضرار بالمسلمين وشعائرهم؛ لأن المشركين يعارضون بتلبيتهم تلبية المسلمين فإن قال المسلمون: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك قال المشركون: إلا شريكا هو لك، كما أنهم يطوفون بالبيت عرايا، ويرفعون أصواتهم بالشرك حيث يعتقدون ذلك وليس هناك ما يمنعهم من حج بيت الله.
وفي ذلك إفساد لروحانية الحج، ومضيعة لآثاره، كما إن اشتراك الرسول معهم في حجهم وبدعهم يعد إقرارًا لهم فيما يفعلون.
لكل ذلك كره رسول الله أن يحج معهم، واستعمل على الحج أبا بكر الصديق رضي الله عنه ليؤكد ثبات حق المسلمين في الحج وليتعلم المسلمون الحج عمليًا لأهمية العمل في إتقان أداء النسك.
خرج أبو بكر رضي الله عنه في ثلاثمائة رجل وعشرين بدنة قلدها صلى الله عليه وسلم النعال وأشعرها بيده صلى الله عليه وسلم في الجانب الأيمن، واستعمل عليها ناجية بن جندب الأسلمي، وساق أبو بكر رضي الله عنه خمس بدنات، وحج عامئذ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فأهدى بدنا، وأهل أبو بكر رضي الله عنه من ذي الحليفة.
وسار حتى إذا كان بالعرج في السحر، سمع رغاء القصواء، فإذا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عليها فقال له أبو بكر: قد استعملك رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحج؟!
قال عليّ: لا ولكن بعثني أقرأ سورة براءة على الناس، فأنبذ إلى كل ذي عهد عهده١ وكانت عادة العرب أن القوم منهم إذا عاهد سيدهم عهدًا مع غيره لا ينقضه