بنو لحيان هم الذين غدوا بعشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجيع، وتسببوا في إعدامهم، ولكن لما كانت ديارهم مجاورة لحدود مكة، والتارات الشديدة قائمة بين المسلمين وقريش والأعراب، رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوغل في البلاد بمقربة من العدو الأكبر في مكة، فلما تخاذلت الأحزاب، واستوهنت عزائمهم، واستكانوا للظروف الراهنة إلى حد ما، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوقت قد حان لأن يأخذ من بني لحيان ثأر أصحابه المقتولين بالرجيع، فخرج إليهم في ربيع الأول أو جمادى الأول سنة ست في مائتين من أصحابه، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وأظهر أنه يريد الشام، ثم أسرع السير حتى انتهى إلى "بطن غُرَان" واد بين أمج وعسفان، حيث كان مصاب أصحابه، فترحم عليهم ودعا لهم، وسمعت بنو لحيان بالمسلمين فهربوا في رءوس الجبال، ولم ير المسلمون منهم أحدًا، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومين بأرضهم، وبعث السرايا إلى جهات عديدة، ثم سار بالقوم إلى عسفان، وبعث عشرة فوارس إلى كراع الغميم لتسمع به قريش بقيادة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم رجع إلى المدينة وهو يقول: "آئبون، تائبون،