للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الاختلاف في مصير الأسرى]

...

٢- الاختلاف في مصر الأسرى:

لما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة اهتم بأمر الأسرى، فبدأ يأخذ رأي أصحابه في كيفية التعامل معهم، يروي أبو الحسن النيسابوري بسنده إلى عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جيء إليه بالأسرى يوم بدر، جمع أصحابه وقال لهم: "ما تقولون في هؤلاء الأسرى"؟.

فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله قومك وأصلك، استبقهم، واستأن بهم، لعل الله عز وجل يتوب عليهم.

وقال عمر: كذبوك وأخرجوك فقدمهم فاضرب أعناقهم.

وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله انظر واديًا كثير الحطب فأدخلهم فيه، ثم أضرم عليهم نارًا.

فقال العباس: قطعت رحمك.

فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجبهم، ثم دخل فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر.

وقال ناس: يأخذ بقول عمر.

وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله.

ثم خرج عليهم صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الله عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله عز وجل ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} " ١.

وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ٢.

ومثلك يا عمر كمثل موسى قال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} ٣.

ومثلك يا عمر كمثل نوح قال: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} ٤".

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم اليوم عالة! أنتم اليوم عالة! فلا ينقلبن منهم


١ سورة إبراهيم: ٣٦.
٢ سورة المائدة: ١١٨.
٣ سورة يونس: ٨٨.
٤ سورة نوح: ٢٦.

<<  <   >  >>