حادي عشر: حركة الدعوة خلال المرحلة ما بين الأحزاب، والحديبية
أخذت الحركة بالإسلام بعد الأحزاب تنشط وتتسع، فوصلت إلى كل قبائل الجزيرة العربية، لأنهم جميعًا تأثروا بهزيمة الأحزاب، وشعروا بضعف وضعهم فأخذوا يعملون بعصبية يملكهم الخوف، ويسيطر عليهم الفزع, وقد رأيناهم يتآمرون ولا يصمدون يتعاونون ويتفرقون، يقتلون ولا ينتظرون, فكان لا بد من مواجهتهم، والذهاب إليهم ليثوبوا لرشدهم, ويعرفوا حجمهم وقوتهم، ويبتعدوا عن العدوان والفساد، ويلتزموا بمراعاة حق الآخرين، ويبتعدوا عن همجيتهم السابقة.
وتعد سرايا ما بعد الأحزاب حملات تطهير للفساد الموجود في الجزيرة العربية، وتخلص من عدوان الطغاة، وإسكات صوت البغي وقهر العدوان قبل ظهوره.
وقد أدت هذه الغزوات والسرايا دورها، وقامت بتحقيق الهدف منها.
صحيح أن القبائل لم تدخل في الإسلام، لكن الحركة صارت آمنة، وأصبح صوت الإسلام عاليًا، وأخذ الناس يشعرون بحرية القول، وحرية الاستماع، وحرية التفكير، وحرية اتخاذ القرار، وهذا هو المطلوب فقط.
في هذه المدة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أربعًا من زوجاته هن:
١- زينب بنت جحش رضي الله عنها تزوجها ليبطل عادة العرب في نكاح زوجة الابن المتبنى بعد طلاقها.
٢- أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها لتعويضها بعد فراق زوجها، ولتطيب نفس أبيها وقومها، ومما يدل على وقع زواج النبي صلى الله عليه وسلم من أم حبيبة رضي الله عنها على أبي سفيان أن أبا سفيان بعد إسلامه عرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه أختها لسروره بذلك فعرفه النبي صلى الله عليه وسلم حرمة الجمع بين الأختين، وقد أشار الله تعالى إلى هذا الأثر في قوله سبحانه: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ