هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وأسس دولة الإسلام في المدينة، وأخذ في دعوة الناس إلى الله تعالى حسب مقتضيات كل مرحلة.
وكان صلى الله عليه وسلم يعلم واقع العالم كله، ويدرك اتجاهات الأفراد، وكان الله معه يعينه على الحق، ويعرفه به إن سها عنه، أو لم يدركه.
لقد كان يعرف ما عليه الفرس والروم، ويعرف ما بينهما من حروب وأحقاد، ويعلم أن الروم أهل كتاب، وأن الفرس عبدة أوثان وأصنام، وكان الله معه يخبره بأهم ما عندهما يقول الله تعالى:{الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} ١.
ووقف صلى الله عليه وسلم على كافة أحوال اليهود والمنافقين وسائر القبائل وهو في مكة قبل الهجرة، وبعد استقراره في المدينة بعد الهجرة, وكان يتعامل مع كل بما يكافئه, ويدعوهم بالأسلوب الذي يناسبهم, فإن رأى منهم غدرًا حذرهم وتعامل معهم بنفس توجيههم.
لقد كان صلى الله عليه وسلم يحدث أهل الكتاب عن رسلهم وكتبهم، ويحدث القرشي عن الخالق والمخلوق, ويحادث أهل الزرع والتجارة كل ما هو فيه، وبما يتلاءم مع حياته وفكره وتلك قضية مهمة لا بد منها لنجاح الدعوة إلى الله تعالى.
لقد عاش المسلمون وسط الناس بعيونهم، وبمن آمن منهم، ولذلك كانوا على خبر دقيق بواقع الناس.
إن معرفة الواقع المعاصر ضروري للدعوة ليتحرك الدعاة وفق خطة عملية متكاملة ناتجة من تخطيط سليم.
إن التخطيط السليم بحث وعلم بالواقع، وتحديد للعمل والمنهج، ومتابعة