للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- استعداد المسلمين لفتح مكة:

أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزو مشركي مكة، وأمر عائشة أن تستعد لذلك، وأمرها أن لا تخبر أحدًا بجهة الغزو ليأخذ القرشيين على غرة.

وعين صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب على أطراف المدينة ليتحفظ على من يأتي المدينة من غير أهلها، ويرقب الحركة منها وإليها.

ودخل أبو بكر رضي الله عنه على عائشة رضي الله عنها: وهي تجهز للسفر، وتعمل قمحًا سويقًا ودقيقًا، فقال: يا عائشة أهم رسول الله بغزو؟

قالت: ما أدري.

قال: إن كان هم بسفر فأعلمينا نتهيأ له.

قالت: ما أدري، لعله يريد بني سليم، لعله يريد ثقيفًا، لعله يريد هوازن، فاستعجمت عليه وحافظت على أسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما فقال له أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، أردت سفرًا؟

قال صلى الله عليه وسلم: "نعم".

قال أبو بكر: أفأتجهز؟

قال صلى الله عليه وسلم: "نعم".

قال أبو بكر: فأين تريد يا رسول الله؟

قال صلى الله عليه وسلم: "قريشًا وأخف ذلك يا أبا بكر".

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالاستعداد للجهاد وطوى عنهم الوجه الذي يريد.

قال أبو بكر: يا رسول الله! أوليس بيننا وبينهم مدة.

قال: "إنهم غدروا ونقضوا العهد، فأنا غازيهم، واطو ما ذكرت لك".

ونشط المسلمون في الاستعداد، وبدأت القبائل تفد برجالها إلى المدينة بعدما أخبرهم بأهمية القدوم إليها وقال لهم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليأت المدينة". وبعث رسلا في كل ناحية حتى قدموا، فقدمت أسلم، وغفار، ومزينة، وجهينة، وأشجع، المدينة ولحقت بنو سليم بهم عند قديد١.

وأخذ المسلمون يفكرون في جهة غزوتهم التي جاءوا لها، فظان يظن أنها الشام وظان يظنها ثقيفًا، وظان يظن أنها هوازن.

ومن التورية على الناس، إرساله صلى الله عليه وسلم ابن ربعي في ثمانية نفر إلى بطن "إضم" ليصرف انتباه الناس عن مكة، وحتى يظن القوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتجه باستعداداته لمساعدة من


١ إمتاع الأسماع ص٣٦١ إلى ص٣٦٤.

<<  <   >  >>