أدت تحركات المسلمين قبل الأحزاب إلى إعادة الهيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، وأخذ أهل مكة وأعراب البوادي وقبائل العرب المنتشرة في أرجاء الجزيرة العربية يميلون إلى السلام مع المسلمين، ويهربون من عدم مواجهتهم كما رأينا من أبي سفيان في بدر الآخرة.
ونظر يهود بني النضير إلى حالتهم فوجدوا أنهم أخرجوا من ديارهم، وفقدوا أموالهم وشق عليهم أن يستقر المسلمون في المدينة، وينتشر الإسلام بين الناس فعملوا على القضاء على المسلمين ليعودوا إلى المدينة مرة أخرى, ورأوا أنه لا قبل لهم بالمسلمين فأخذوا يؤلبون الناس، ويجمعون الأحزاب لمقاتلة المسلمين.
وتولى كبر هذا التحريض نفر من اليهود على رأسهم سلام بن مشكم بن أبي الحقيق النضري، وحيي بن أخطب في نفر من بني النضير، وهوذة بن قيس الوائلي من الأوس في بضعة عشر رجلا حيث خرجوا حتى قدموا على قريش بمكة، فدعوهم إلى حرب رسول الله، وقالوا لهم: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله.
فقالت لهم قريش: يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول، والعلم بالدين الذي أصبحنا نختلف فيه، نحن ومحمد، أديننا خير أم دينه؟ فنحن عمار البيت، ننحر الإبل، ونسقي الحجيج، ونعبد الأصنام؟!
فقالوا لهم: بل دينكم خير من دينه، وإنكم أولى بالحق منه.
خرج كعب بن الأشرف في سبعين راكبًا من اليهود إلى مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشًا على غدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل كعب على أبي سفيان، ونزلت اليهود في دور قريش، فقال أهل مكة: