[المبحث الرابع: ضرورة الفصل التام بين الإسلام وغيره]
نشأت الأمة الإسلامية وسط عالم مليء بالمذاهب والعقائد، والاتجاهات المختلفة وكان تميزها عن كل ما عداها أمرًا ظاهرًا بارزًا.
وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على استقلالية الأمة بوحي الله تعالى، ولم يدخل في نظام الأمة شيئًا من عند غيرها، وفصل كل ما هو إسلامي عن غيره.
والحكمة في هذا أن الأخذ من الغير لا يصح إلا حين الحاجة إليه، وحين يكون متلائمًا مع ثوابت الأمة وقيمها, فلقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم من الفرس فكرة حفر الخندق وأخذ من سياسات الفرس والروم فبعث الرسل، واستقبل الوفود، وأرسل الكتب أما في الجوانب التي تسيء لدين الله تعالى فهو صلى الله عليه وسلم منها بريء.
لقد حاولها أهل مكة ورفضها صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى:{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} ١.
فلو داهنهم صلى الله عليه وسلم بأن عبد إلههم يومًا، وعبدوا معه إلهه يومًا لضل وغوى، وبعد عن دين الله بالكلية، ولكنه صلى الله عليه وسلم أبى ذلك ورفضه بأمر من الله تعالى.
إن الكفر صور شتى، وحيل الكافرين عديدة وهم يعملون على القضاء على الإسلام والمسلمين، وقد يئسوا من كفر المسلمين صراحة، ولذلك خططوا لإبعاد المسلمين عن دينهم جزءًا جزءًا لإفراغ الإسلام من محتواه، وبذلك يتحول دين الله إلى جسد ميت لا روح فيه ولا حراك.
إن الإسلام عقيدة وشريعة وخلق، يكمل بعضها بعضًا، وتتعاون جميعًا في تقديم الحقيقة الثابتة للإسلام؛ لأن التفريط في جزء منها يعد تفريطًا في الإسلام كله.
إن العقيدة تعني امتلاء الباطن بحب الله، والخشوع له، والتوجه الكلي نحو الخالق في كل همسة ولمسة، وفي كل فكرة وخاطرة، ومع كل اتجاه وسلوك، وبذلك يعيش المسلم مؤمنًا بقدر الله مستسلمًا لأوامره، متوكلا عليه، راضيًا بما يراه الله له لأنه يوقن بأن ما قدره الله سوف يكون.