والرجيع بفتح الراء المشددة وكسر الجيم اسم ماء لهذيل يقع بين مكة وعسفان بأرض الحجاز، وسمي البعث به لحدوث الوقعة عنده.
وسبب هذه الوقعة أن نفرًا من القارة، وعضل١، وهما بطنان من بطون الهون بن خزيمة بن مدركة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكروا أن فيهم إسلامًا، وطلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يبعث معهم من يعلمهم القرآن الكريم، ويفهمهم الإسلام، فبعث لهم الرسول صلى الله عليه وسلم سرية مؤلفة من عشرة رجال، وأمر عليهم عاصم بن ثابت رضي الله عنه فانطلقوا بهم حتى كانوا بين عسفان ومكة.
وهنا غدر القوم بهم، واستصرخوا عليهم النضر وحيًا من هذيل ليغدروا بهم معهم فأتوهم بقريب من مائة رام، تتبعوا آثار أفراد السرية حتى لحقوا بهم عند "فدفد" فلجأ عاصم ومن معه إليها، وأقاموا بها حتى لحقوا بهم.
وجاء الرماة فأحاطوا بعاصم ومن معه وقالوا لهم: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا.
فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا رسولك، فقاتلوهم ولم يستسلموا واستمر الرمي حتى قتل عاصم مع سبعة نفر من أصحابه.
وبقي خبيب، وزيد، ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم وربطوهم بها.
فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، وأبى أن يصحبهم فجروه، وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه.
وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة.
فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب هو الذي قتل أباهم الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيرًا حتى إذا أجمعوا قتله خرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال: دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فصلاهما فلما سلم قال: والله لولا إن تقولوا: أن ما بي جزع من الموت لزدت، وكان أول من سن الركعتين عند القتل، ثم قال: اللهم
١ القارة بتخفيف الراء وعضل بضم العين وفتحها وفتح الضاد.