للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سابعًا: عدم رد المؤمنات المهاجرات

لم يفرق الصلح بين الرجال والنساء المسلمات الذين يتركون مكة إلى المدينة وسكت عن حقوق المرأة المهاجرة التي لا بد منها لتوافقها مع طبيعتها وكرامتها.

ومن المعلوم أن رد المؤمنة إلى مكة إذا هاجرت أمر يتعارض مع حكم شرعي، وهو حرمة بقاء المرأة المسلمة تحت عصمة زوج مشرك.

وقد أنزل الله تعالى أمره بعدم إعادة المسلمات المهاجرات إلى أزواجهم المشركين، مع إعطاء المشركين ما أنفقوه في زواجهم, وأحل الله للمؤمنين الزواج بالمهاجرات بعد انقضاء عدتهن، ودفع مهورهن وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ولي من لا ولي لها.

ومن هذا القبيل أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وكانت شابة صغيرة أسلمت بمكة، فكانت تخرج إلى بادية أهلها فتقيم أيامًا بناحية التنعيم، ثم ترجع حتى أجمعت على المسير مهاجرة فخرجت كأنها تريد البادية على عادتها، فوجدت رجلا من خزاعة فأعلمته بإسلامها فأركبها بعيره، حتى أقدمها المدينة بعد ثماني ليال، فدخلت على أم سلمة رضي الله عنها وأعلمتها أنها جاءت مهاجرة، وتخوفت أن يردها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة رضي الله عنها أعلمته بهجرة أم كلثوم ووضحت له أنها تخاف أن يردها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجها المشرك في مكة١، فأنزل الله فيها آية المحنة وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ٢.


١ صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الحديبية ج٦ ص٣٦٥.
٢ سورة الممتحنة: ١.

<<  <   >  >>