للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ألا أخبركم خبر الثلاثة".

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: "أما واحد فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فتاب فتاب الله عليه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه" ١.

وفهم الصحابة مغزى ما رأوا، وما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلموا أنه ثم تربية لهم، وتوجيه لأهمية طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم مراجعته فيما جاء به الوحي.

وأخذ عمر يحادث رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفًا على نفسه من موقفه يوم الصلح، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه, ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر: ثكلتك أمك يا عمر! نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، كل ذلك لا يجيبك.

وحرك صلى الله عليه وسلم بعيره حتى تقدم الناس، وخشي عمر أن يكون نزل فيه قرآن، فأخذه ما قرب وما بعد لمراجعته بالحديبية وكراهته القضية, وبينما هو يسير مهمومًا متقدمًا على الناس، إذا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: يا عمر بن الخطاب فوقع في نفسه ما الله به أعلم ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم، فرد صلى الله عليه وسلم وهو مسرور ثم قال: "أنزلت عليّ سورة هي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس" ٢. فإذا هو يقرأ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ٣.

فأنزل الله في ذلك سورة الفتح، فركض الناس وهم يقولون: أنزل على رسول الله حتى توافوا عنده، وهو يقرؤها، ويقال: لما نزل بها جبريل عليه السلام قال جبريل: نهنئك يا رسول الله فلما هنأه جبريل هنأه المسلمون، وكان نزول سورة الفتح بكراع الغميم٤.


١ مسند أحمد مسند الأنصار.
٢ صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الحديبية ج٦ ص٣٦٣.
٣ سورة الفتح: ١.
٤ إمتاع الأسماع ج١ ص٢٩٩.

<<  <   >  >>