للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩- الدعاة حملة الرسائل:

تخير النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه رضي الله عنهم الأعرف بدينه الجميل في خلقته، الكريم في خلقه، القوي في شجاعته، الأمين في عمله ونشاطه، الحليم في صبره، الداهية في قوله وعمله، وأرسلهم فرادى لمواجهة ملوك الأرض وشعوبها، ودعوتهم إلى الله تعالى.

وقد حمل هؤلاء الصحابة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك ورؤساء الدنيا، ولكنهم ما يكونوا مجرد حاملين للرسائل، وإنما كانوا دعاة، يحملون دينهم، ويعملون له، ويدعون إليه بالحسنى، ويردون عنه زيف الضالين، وشبه المحرفين.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيهم بالخلق الكريم، والتعامل السهل، يروي البخاري بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لأصحابه: "يسروا ولا تعسروا إنما بعثتم ميسرين لا معسرين".

ويروي البخاري أيضًا بسنده عن أبي سعيد بن بردة عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن وقال لهما: "يسرا ولا تعسرا، بشرا ولا تنفرا، تطاوعا ولا تختلفا" ١.

يقول ابن حجر: كان ذلك شأنه صلى الله عليه وسلم في حق كل من بعثه إلى جهة من الجهات٢.

وحين ننظر إلى أعمال هؤلاء السفراء وأقوالهم ندرك دورهم في الدعوة إلى الله تعالى، ونعلم بيقين أن هؤلاء السفراء لم يكونوا رجالا عاديين، وأنهم تميزوا بعدة صفات أهمها:

أ- الفهم الدقيق للإسلام، وإحاطتهم التامة بكل ما نزل من القرآن الكريم وبكل ما حدث به صلى الله عليه وسلم.

ب- خبرتهم الواسعة بالجهات التي ذهبوا إليها، وبالناس الذين تحدثوا معهم،


١ صحيح البخاري. كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول ج١ ص٣٢٣.
٢ صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب ما يكره في التنازع ج٦ ص١٦٣.

<<  <   >  >>